الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ( 134 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره . بقوله : "تلك أمة قد خلت " ، إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم .

يقول لليهود والنصارى : يا معشر اليهود والنصارى ، دعوا ذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والمسلمين من أولادهم بغير ما هم أهله ، ولا تنحلوهم كفر اليهودية والنصرانية ، فتضيفونها إليهم ، فإنهم أمة - ويعني : ب "الأمة " في هذا الموضع : الجماعة والقرن من الناس - قد خلت : مضت لسبيلها .

وإنما قيل للذي قد مات فذهب : "قد خلا " ، لتخليه من الدنيا وانفراده ، عما كان من الأنس بأهله وقرنائه في دنياه .

وأصله من قولهم : "خلا الرجل " ، إذا صار بالمكان الذي لا أنيس له فيه ، وانفرد من الناس . فاستعمل ذلك في الذي يموت ، على ذلك الوجه .

ثم قال تعالى ذكره لليهود والنصارى : إن لمن نحلتموه - ضلالكم وكفركم الذي أنتم عليه - من أنبيائي ورسلي ، ما كسب . [ ص: 101 ]

"والهاء والألف " في قوله : "لها " ، عائدة إن شئت على "تلك " ، وإن شئت على "الأمة " .

ويعني بقوله : "لها ما كسبت " ، أي ما عملت من خير ، ولكم يا معشر اليهود والنصارى مثل ذلك ما عملتم ، ولا تؤاخذون أنتم - أيها الناحلون ما نحلتموهم من الملل - فتسألوا عما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وولدهم يعملون . فيكسبون من خير وشر ، لأن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت . فدعوا انتحالهم وانتحال مللهم ، فإن الدعاوى غير مغنيتكم عند الله ، وإنما يغني عنكم عنده ما سلف لكم من صالح أعمالكم ، إن كنتم عملتموها وقدمتموها .

التالي السابق


الخدمات العلمية