الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون قوله - تعالى - والذين يدعون من دون الله قراءة العامة " تدعون " بالتاء لأن ما قبله خطاب . روى أبو بكر عن عاصم وهبيرة عن حفص يدعون بالياء ، وهي قراءة يعقوب . فأما قوله : ما تسرون وما تعلنون فكلهم بالتاء على الخطاب ; إلا ما روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه قرأ بالياء . لا يخلقون شيئا أي لا يقدرون على خلق شيء وهم يخلقون .

أموات غير أحياء أي هم أموات ، يعني الأصنام ، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر ، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة .

وما يشعرون أيان يبعثون وما يشعرون يعني الأصنام . أيان يبعثون وقرأ السلمي ، " إيان " بكسر الهمزة ، وهما لغتان ، موضعه نصب ب يبعثون وهي في [ ص: 86 ] معنى الاستفهام . والمعنى : لا يدرون متى يبعثون . وعبر عنها كما عبر عن الآدميين ; لأنهم زعموا أنها تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله - تعالى - ، فجرى خطابهم على ذلك . وقد قيل : إن الله يبعث الأصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم ، وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث . قال ابن عباس ; تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرءون من عبدتها ، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار . وقيل : إن الأصنام تطرح في النار مع عبدتها يوم القيامة ; دليله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم . وقيل : تم الكلام عند قوله : لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات ، وهذا الموت موت كفر . وما يشعرون أيان يبعثون أي وما يدري الكفار متى يبعثون ، أي وقت البعث ; لأنهم لا يؤمنون بالبعث حثى يستعدوا للقاء الله وقيل : أي وما يدريهم متى الساعة ، ولعلها تكون قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية