الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة

فيه ثلاث مسائل :

الأولى : قوله تعالى : وما أمروا أي وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل

إلا ليعبدوا الله أي ليوحدوه . واللام في ليعبدوا بمعنى أن ; كقوله : يريد الله ليبين لكم أي أن يبين . و يريدون ليطفئوا نور الله . و أمرنا لنسلم لرب العالمين . وفي حرف عبد الله : وما أمروا إلا أن يعبدوا الله .

مخلصين له الدين أي العبادة ; ومنه قوله تعالى : قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين . وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات فإن الإخلاص من عمل القلب وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره .

الثانية : قوله تعالى : حنفاء أي مائلين عن الأديان كلها ، إلى دين الإسلام ، وكان ابن عباس يقول : حنفاء على دين إبراهيم - عليه السلام - . وقيل : الحنيف : من اختتن وحج ; قاله سعيد بن جبير . قال أهل اللغة : وأصله أنه تحنف إلى الإسلام ; أي مال إليه .

[ ص: 128 ] الثالثة : قوله تعالى : ويقيموا الصلاة أي بحدودها في أوقاتها .

ويؤتوا الزكاة أي يعطوها عند محلها .

وذلك دين القيمة أي ذلك الدين الذي أمروا به دين القيامة ; أي الدين المستقيم . وقال الزجاج : أي ذلك دين الملة المستقيمة . والقيمة : نعت لموصوف محذوف . أو يقال : دين الأمة القيمة بالحق ; أي القائمة بالحق . وفي حرف عبد الله وذلك الدين القيم . قال الخليل : القيمة جمع القيم ، والقيم والقائم : واحد . وقال الفراء : أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته ، لاختلاف اللفظين . وعنه أيضا : هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، ودخلت الهاء للمدح والمبالغة . وقيل : الهاء راجعة إلى الملة أو الشريعة . وقال محمد بن الأشعث ، الطالقاني القيمة هاهنا : الكتب التي جرى ذكرها ، والدين مضاف إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية