الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 48 ] وفيها إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفنا قلنا وجوبا : مذهبنا صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب . وإذا سئلنا عن معتقدنا [ ص: 49 ] ومعتقد خصومنا . قلنا وجوبا الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا

التالي السابق


( قوله : وفيها ) أي في الأشباه عن آخر المصفى للإمام النسفي .

( قوله : عن مذهبنا ) أي عن صفته فالمعنى إذا سئلنا أي المذاهب صواب ط .

( قوله : مخالفنا ) أي من خالفنا في الفروع من الأئمة المجتهدين .

( قوله : قلنا إلخ ) لأنك لو قطعت القول لما صح قولنا إن المجتهد يخطئ ويصيب أشباه : أي فلا نجزم بأن مذهبنا صواب ألبتة ولا بأن مذهب مخالفنا خطأ ألبتة ، بناء على المختار من أن حكم الله في كل مسألة واحد معين وجب طلبه . فمن أصابه فهو المصيب ومن لا فهو المخطئ . ونقل عن الأئمة الأربعة : ثم المختار أن المخطئ مأجور كما في التحرير وشرحه . مطلب يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل

ثم اعلم أنه ذكر في التحرير وشرحه أيضا أنه يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل . وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الحنابلة والشافعية . وفي رواية عن أحمد وطائفة كثيرة من الفقهاء لا يجوز . ثم ذكر أنه لو التزم مذهبا معينا . كأبي حنيفة والشافعي ، فقيل يلزمه ، وقيل لا وهو الأصح ا هـ وقد شاع أن العامي لا مذهب له .

إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما ذكر عن النسفي من وجوب اعتقاد أن مذهبه صواب يحتمل الخطأ مبني على أنه لا يجوز تقليد المفضول وأنه يلزمه التزام مذهبه وأن ذلك لا يتأتى في العامي .

وقد رأيت في آخر فتاوى ابن حجر الفقهية التصريح ببعض ذلك فإنه سئل عن عبارة النسفي المذكورة ، ثم حرر أن قول أئمة الشافعية كذلك ، ثم قال إن ذلك مبني على الضعيف من أنه يجب تقليد الأعلم دون غيره .

والأصح أنه يتخير في تقليد أي شاء ولو مفضولا وإن اعتقده كذلك ، وحينئذ فلا يمكن أن يقطع أو يظن أنه على الصواب ، بل على المقلد أن يعتقد أن ما ذهب إليه إمامه يحتمل أنه الحق . قال ابن حجر : ثم رأيت المحقق ابن الهمام صرح بما يؤيده حيث قال في شرح الهداية : إن أخذ العامي بما يقع في قلبه أنه أصوب أولى ، وعلى هذا استفتى مجتهدين فاختلفا عليه الأولى أن يأخذ بما يميل إليه قلبه منهما . وعندي أنه لو أخذ بقول الذي لا يميل إليه جاز ; لأن ميله وعدمه سواء ، والواجب عليه تقليد مجتهد وقد فعل . ا هـ .

( قوله : عن معتقدنا ) أي عما نعتقد من غير [ ص: 49 ] المسائل الفرعية مما يجب اعتقاده على كل مكلف بلا تقليد لأحد وهو ما عليه أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية ، وهم متوافقون إلا في مسائل يسيرة أرجعها بعضهم إلى الخلاف اللفظي كما بين في محله .

( قوله : ومعتقد خصومنا ) أي من أهل البدع المكفرة وغيرها كالقائلين بقدم العالم أو نفي الصانع أو عدم بعثة الرسل ، والقائلين بخلق القرآن وعدم إرادته تعالى الشر ونحو ذلك .




الخدمات العلمية