الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2119 - مسألة : في قول الله تعالى { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } ؟ روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا وكيع نا سفيان الثوري عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس في قول الله تعالى { أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } قال : من أوبقها { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من كف عن قتلها .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى سفيان عن منصور عن مجاهد { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من أنجاها من غرق أو حرق فقد أحياها .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى وكيع نا العلاء بن عبد الكريم قال : سمعت مجاهدا يقول { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } قال : من كف عن قتلها فقد أحياها .

                                                                                                                                                                                          قال علي هذا ليس في تفسيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فيسلم له ، والرواية عن ابن عباس فيها خصيف ، وليس بالقوي .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 219 ] قال أبو محمد : وهذا حكم إنما كتبه الله تعالى على بني إسرائيل ولم يكتبه علينا ، قال الله تعالى { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : فهذا أمر قد كفيناه - ولله الحمد - إذ لو كتبه الله تعالى علينا لأعلمنا بذلك ، فله الحمد كثيرا ، وهذا - والله أعلم - إذ كتبه الله على بني إسرائيل فهو من الإصر الذي حمله على من قبلنا .

                                                                                                                                                                                          وأمرنا تعالى أن ندعوه في أن لا يحمله علينا إذ يقول تعالى { ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا } فإذ لم يكتبه الله تعالى علينا فلم نكلف معرفة كيفيته ، إلا أن الذي كتب الله تعالى علينا : هو تحريم القتل ، والوعيد الشديد فيه ، ففرض علينا اجتنابه ، واعتقاد أنه من أكبر الكبائر بعد الشرك ، وهو مع ترك الصلاة أو بعده .

                                                                                                                                                                                          ومما كتبه الله تعالى أيضا علينا استنقاذ كل متورط من الموت إما بيد ظالم كافر ، أو مؤمن متعد ، أو حية أو سبع ، أو نار أو سيل ، أو هدم أو حيوان ، أو من علة صعبة نقدر على معاناته منها ، أو من أي وجه كان ، فوعدنا على ذلك الأجر الجزيل الذي لا يضيعه ربنا تعالى ، الحافظ علينا صالح أعمالنا وسيئه .

                                                                                                                                                                                          ففرض علينا أن نأتي من كل ذلك ما افترضه الله تعالى علينا ، وأن نعلم أنه قد أحصى أجرنا على ذلك من يجازي على مثقال الذرة من الخير والشر .

                                                                                                                                                                                          نسأل الله تعالى التوفيق لما يرضيه بمنه آمين ، وبالله تعالى نعتصم .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية