الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : احتج الشافعي رضي الله عنه بهذه الآية على وجوب الكفارة في اليمين الغموس، قال : إنه تعالى ذكر هاهنا ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) وقال في آية المائدة : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) [المائدة : 89] وعقد اليمين محتمل لأن يكون المراد منه عقد القلب به، ولأن يكون المراد به العقد الذي يضاد الحل، فلما ذكر هاهنا قوله : ( بما كسبت قلوبكم ) علمنا أن المراد من ذلك العقد هو عقد القلب، وأيضا ذكر المؤاخذة هاهنا، ولم يبين أن تلك المؤاخذة ما هي، وبينها في آية المائدة بقوله : ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته ) [المائدة : 89] فبين أن المؤاخذة هي الكفارة، فكل واحدة من هاتين الآيتين مجملة من وجه، مبينة من وجه آخر ، فصارت كل واحدة منهما مفسرة للأخرى من وجه، وحصل من كل واحدة منهما أن كل يمين ذكر على سبيل الجد وربط القلب، فالكفارة واجبة فيها، واليمين الغموس كذلك ، فكانت الكفارة واجبة فيها.

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( والله غفور حليم ) فقد علمت أن الغفور مبالغة في ستر الذنوب، وفي إسقاط عقوبتها، وأما الحليم فاعلم أن الحلم في كلام العرب الأناة والسكون، يقال : ضع الهودج على أحلم الجمال، أي : على أشدها تؤدة في السير، ومنه الحلم ؛ لأنه يرى في حال السكون، وحلمة الثدي، ومعنى الحليم في صفة الله : الذي لا يعجل بالعقوبة، بل يؤخر عقوبة الكفار والفجار.

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية