الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قوله ( واشهدوا ) فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه عطف ، والتقدير بعد أن آمنوا وبعد أن شهدوا أن الرسول حق ؛ لأن عطف الفعل على الاسم لا يجوز فهو في الظاهر وإن اقتضى عطف الفعل على الاسم لكنه في المعنى عطف الفعل على الفعل .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الواو للحال بإضمار " قد " ، والتقدير : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم حال ما شهدوا أن الرسول حق .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : تقدير الآية : كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ، وبعد الشهادة بأن الرسول حق ، وقد جاءتهم البينات ، فعطف الشهادة بأن الرسول حق ، على الإيمان ، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه ، فيلزم أن الشهادة بأن الرسول حق مغاير للإيمان ، وجوابه : أن مذهبنا أن الإيمان هو التصديق بالقلب ، والشهادة هي الإقرار باللسان ، وهما متغايران فصارت هذه الآية من هذا الوجه دالة على أن الإيمان مغاير للإقرار باللسان وأنه معنى قائم بالقلب .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : اعلم أنه تعالى استعظم كفر القوم من حيث إنه حصل بعد خصال ثلاث : أحدها : بعد الإيمان ، وثانيها : بعد شهادة كون الرسول حقا . وثالثها : بعد مجيء البينات ، وإذا كان الأمر كذلك كان ذلك الكفر صلاحا بعد البصيرة وبعد إظهار الشهادة ، فيكون الكفر بعد هذه الأشياء أقبح ؛ لأن مثل هذا الكفر يكون كالمعاندة والجحود ، وهذا يدل على أن زلة العالم أقبح من زلة الجاهل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية