الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 68 ] كتاب الفرائض

                                                                                                                                            حقيق بمن علم أن الدنيا منقرضة وأن الرزايا قبل الغايات معترضة ، وأن المال متروك لوارث ، أو مصاب بحادث ، أن يكون زهده فيه أقوى من رغبته ، وتركه له أكثر من طلبته ، فإن النجاة منها فوز ، والاسترسال فيها عجز ، أعاننا الله على العمل بما نقول ، ووفقنا لحسن القبول إن شاء الله .

                                                                                                                                            ولما علم الله عز وجل أن صلاح عباده فيما اقتنوه مع ما جبلوا عليه من الضن به والأسف عليه أن يكون مصرفه بعدهم معروفا ، وقسمه مقدرا مفروضا ليقطع بينهم التنازع والاختلاف ، ويدوم لهم التواصل والائتلاف ، جعله لمن تماست أنسابهم وتواصلت أسبابهم لفضل الحنو عليهم ، وشدة الميل إليهم ، حتى يقل عليه الأسف ، ويستقل به الخلف ، فسبحان من قدر وهدى ، ودبر فأحكم ، وقد كانت كل أمة تجري من ذلك على عادتها ، وكانت العرب في جاهليتها يتوارثون بالحلف والتناصر كما يتوارثون بالأنساب : طلبا للتواصل به ، فإذا تحالف الرجلان منهم قال كل واحد منهما لصاحبه في عقد حلفه : هدمي هدمك ، ودمي دمك ، وسلمي سلمك ، وحربي حربك ، وتنصرني وأنصرك . فإذا مات أحدهما ورثه الآخر ، فأدرك الإسلام طائفة منهم فروى جبير بن مطعم قال : قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة ، فجعل الحلف في صدر الإسلام بمنزلة الأخ للأم فأعطي السدس ، ونزل فيه ما حكاه أكثر أهل التفسير في قوله تعالى : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم [ النساء : 33 ] ، ثم نسخ ذلك بقوله عز وجل : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم [ الأحزاب : 6 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية