الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 375 ] ثم دخلت سنة ست وثمانين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ففيها غزا قتيبة بن مسلم نائب الحجاج على مرو وخراسان ، بلادا كثيرة من أرض الترك ، وغيرهم من الكفار ، وسبى وغنم وسلم وتسلم قلاعا وحصونا وممالك ، ثم قفل فسبق الجيش فكتب إليه الحجاج يلومه على ذلك ويقول له : إذا كنت قاصدا بلاد العدو فكن في مقدمة الجيش ، وإذا قفلت راجعا فكن في ساقة الجيش ، يعني لتكون ردءا لهم من أن ينالهم أحد من العدو وغيرهم بكيد ، وهذا رأي حسن ، وعليه جاءت السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان في جملة السبي امرأة برمك - والد خالد بن برمك - فأعطاها قتيبة أخاه عبد الله بن مسلم ، فوطئها ، فحملت منه ، ثم إن قتيبة من على السبي ، وردت تلك المرأة على زوجها برمك ، وهي حبلى من عبد الله بن مسلم ، وكان ولدها عندهم حتى أسلموا ، فقدموا به معهم أيام بني العباس ، كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما رجع قتيبة إلى خراسان تلقاه دهاقين بلغار وصاغان بهدايا عظيمة ، ومفتاح من ذهب بلغار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كان طاعون بالشام والبصرة وواسط ، ويسمى طاعون الفتيات ; لأنه [ ص: 376 ] أول ما بدأ بالنساء فسمي بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلاد الروم ، فقتل وسبى وغنم وسلم ، وافتتح حصن بولق ، وحصن الأخرم من أرض الروم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها عقد عبد الملك لابنه عبد الله على مصر ، وذلك بعد موت أخيه عبد العزيز ، فدخلها في جمادى الآخرة ، وعمره يومئذ سبع وعشرون سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها هلك ملك الروم الأخرم بورى ، لا رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها حبس الحجاج يزيد بن المهلب . وحج بالناس فيها هشام بن إسماعيل المخزومي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية