الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب جواز هبتها نوبتها لضرتها

                                                                                                                1463 حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة قالت فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة قالت يا رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عقبة بن خالد ح وحدثنا عمرو الناقد حدثنا الأسود بن عامر حدثنا زهير ح وحدثنا مجاهد بن موسى حدثنا يونس بن محمد حدثنا شريك كلهم عن هشام بهذا الإسناد أن سودة لما كبرت بمعنى حديث جرير وزاد في حديث شريك قالت وكانت أول امرأة تزوجها بعدي

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن عائشة رضي الله عنها : ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة ) ( المسلاخ ) بكسر الميم وبالخاء المعجمة وهو الجلد ومعناه أن أكون أنا هي ، و ( زمعة ) بفتح الميم وإسكانها وقولها ( من امرأة ) قال القاضي ( من ) هنا للبيان واستفتاح الكلام ، ولم ترد عائشة عيب سودة بذلك ، بل وصفتها بقوة النفس وجودة القريحة وهي الحدة بكسر الحاء .

                                                                                                                قولها : ( فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ) فيه جواز هبتها نوبتها لضرتها ، لأنه حقها ، لكن يشترط رضا الزوج بذلك ، لأن له حقا في الواهبة فلا يفوته إلا برضاه ولا يجوز أن تأخذ على هذه الهبة عوضا ، ويجوز أن تهب للزوج فيجعل الزوج نوبتها لمن شاء وقيل : يلزمه توزيعها على الباقيات ، ويجعل الواهبة كالمعدومة والأول أصح ، وللواهبة الرجوع متى شاءت ، فترجع في المستقبل دون الماضي لأن الهبات يرجع فيما لم يقبض منها دون المقبوض .

                                                                                                                وقولها : ( جعلت يومها ) أي نوبتها وهي يوم وليلة .

                                                                                                                وقولها : ( كان يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة ) معناه أنه كان يكون عند عائشة في يومها ويكون عندها أيضا في يوم سودة ، لا أنه يوالي لها اليومين . والأصح عند أصحابنا أنه لا يجوز الموالاة للموهوب لها إلا برضا الباقيات . وجوزه بعض أصحابنا بغير رضاهن وهو ضعيف .

                                                                                                                قولها : ( وكانت أول امرأة تزوجها بعدي ) كذا ذكره مسلم من رواية أنس عن شريك [ ص: 40 ] أنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة قبل سودة ، وكذا ذكره يونس أيضا عن الزهري وعن عبد الله بن محمد بن عقيل وروى عقيل بن خالد عن الزهري أنه تزوج سودة قبل عائشة ، قال ابن عبد البر : وهذا قول قتادة وأبي عبيدة ، قلت : وقاله أيضا محمد بن إسحاق ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وابن قتيبة وآخرون .

                                                                                                                قولها : ( ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ) هو بفتح الهمزة من أرى ومعناه يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور ولهذا خيرك .




                                                                                                                الخدمات العلمية