الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجمعة

                                                                                                                844 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ومحمد بن رمح بن المهاجر قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل [ ص: 446 ] [ ص: 447 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 446 ] [ ص: 447 ] باب صلاة الجمعة وما يتعلق بها من أحكام

                                                                                                                يقال بضم الميم ، وإسكانها وفتحها ، حكاهن الفراء والواحدي وغيرهما ، ووجهوا الفتح بأنها تجمع الناس ويكثرون فيها ، كما يقال : همزة ولمزة لكثرة الهمز واللمز ونحو ذلك سميت جمعة لاجتماع الناس فيها ، وكان يوم الجمعة في الجاهلية يسمى العروبة .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل ) وفي رواية : ( من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) وهذه الثانية محمولة على الأول معناها من أراد المجيء فليغتسل ، وفي الحديث الآخر بعده : ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) والمراد بالمحتلم البالغ . وفي الحديث الآخر : حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده . وفي الحديث الآخر ( لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا ) وفي رواية : ( لو اغتسلتم يوم الجمعة ) واختلف العلماء في غسل الجمعة فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة ، وبه قال أهل الظاهر ، وحكاه ابن المنذر عن مالك ، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك ، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب ؛ قال القاضي : وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه .

                                                                                                                [ ص: 448 ] واحتج من أوجبه بظواهر هذه الأحاديث ، واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها : حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل ، وقد ذكره مسلم ، وهذا الرجل هو عثمان بن عفان جاء مبينا في الرواية الأخرى ، ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضرو الجمعة وهم أهل الحل والعقد ، ولو كان واجبا لما تركه ولألزموه ، ومنها : قوله - صلى الله عليه وسلم : من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل حديث حسن في السنن مشهور ، وفيه دليل على أنه ليس بواجب . ومنها : قوله - صلى الله عليه وسلم : لو اغتسلتم يوم الجمعة وهذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب ؛ لأن تقديره لكان أفضل وأكمل ونحو هذا من العبادات ، وأجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به أنها محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث .

                                                                                                                وقوله - صلى الله عليه وسلم : ( واجب على كل محتلم ) أي متأكد في حقه كما يقول الرجل لصاحبه : حقك [ ص: 449 ] واجب علي أي متأكد ، لا أن المراد الواجب المحتم المعاقب عليه .

                                                                                                                قوله : ( وهو قائم على المنبر ) فيه استحباب المنبر للخطبة ، فإن تعذر فليكن على موضع عال ؛ ليبلغ صوته جميعهم ، ولينفرد فيكون أوقع في النفوس . وفيه أن الخطيب يكون قائما . وسمي منبرا لارتفاعه ، من النبر وهو الارتفاع .

                                                                                                                قوله : ( أية ساعة هذه ) ؟ قاله توبيخا له وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت . فيه : تفقد الإمام رعيته وأمرهم بمصالح دينهم والإنكار على مخالف السنة وإن كان كبير القدر ، وفيه : جواز الإنكار على الكبار في مجمع من الناس ، وفيه : جواز الكلام في الخطبة .

                                                                                                                قوله : ( شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء فلم أزد على أن توضأت ) فيه : الاعتذار إلى ولاة الأمور وغيرهم . وفيه : إباحة الشغل والتصرف يوم الجمعة قبل النداء . وفيه : إشارة إلى أنه إنما ترك الغسل لأنه يستحب ، فرأى اشتغاله بقصد الجمعة أولى من أن يجلس للغسل بعد النداء ، ولهذا لم يأمره عمر بالرجوع للغسل .

                                                                                                                قوله : ( سمعت النداء ) هو بكسر النون وضمها والكسر أشهر .

                                                                                                                قوله : ( والوضوء أيضا ) هو منصوب أي وتوضأت الوضوء فقط ، قاله الأزهري وغيره .




                                                                                                                الخدمات العلمية