الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وقول الله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون وقال يونس عن الزهري قال عروة قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم

                                                                                                                                                                                                        4166 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن أم الفضل بنت الحارث قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته وقول الله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون ) سيأتي في الكلام على الحديث السادس عشر من هذا الباب وجه مناسبة هذه الآية لهذا الباب ، وقد ذكر في الباب أيضا ما يدل على جنس مرضه كما سيأتي . وأما ابتداؤه فكان في بيت ميمونة كما سيأتي . ووقع في " السيرة لأبي معشر " في بيت زينب بنت جحش وفي " السيرة لسليمان التيمي " في بيت ريحانة ; والأول المعتمد . وذكر [ ص: 736 ] الخطابي أنه ابتدأ به يوم الاثنين وقيل : يوم السبت ، وقال الحاكم أبو أحمد : يوم الأربعاء . واختلف في مدة مرضه ، فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوما ، وقيل بزيادة يوم وقيل بنقصه . والقولان في " الروضة " وصدر بالثاني ، وقيل : عشرة أيام وبه جزم " سليمان التيمي في مغازيه " وأخرجه البيهقي بإسناد صحيح . وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول وكاد يكون إجماعا ، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار في حادي عشر رمضان ، ثم عند ابن إسحاق ، والجمهور أنها في الثاني عشر منه ، وعند موسى بن عقبة والليث والخوارزمي وابن زبر : مات لهلال ربيع الأول ، وعند أبي مخنف والكلبي : في ثانيه ورجحه السهيلي . وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما . وقيل : أحدا وثمانين ، وأما على ما جزم به في " الروضة " فيكون عاش بعد حجته تسعين يوما أو أحدا وتسعين ، وقد استشكل ذلك السهيلي ومن تبعه أعني كونه مات يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول ، وذلك أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس ، فمهما فرضت الشهور الثلاثة توأم أو نواقص أو بعضها لم يصح ، وهو ظاهر لمن تأمله . وأجاب البارزي ثم ابن كثير باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل ، وكان أهل مكة والمدينة اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة فرآه أهل مكة ليلة الخميس ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة ، فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة ، ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت ، وأول المحرم الأحد وآخره الاثنين ، وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء ، وأول ربيع الأول الخميس فيكون ثاني عشره الاثنين ، وهذا الجواب بعيد من حيث إنه يلزم توالي أربعة أشهر كوامل ، وقد جزم سليمان التيمي أحد الثقات بأن ابتداء مرض رسول الله كان يوم السبت الثاني والعشرين من صفر ومات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ، فعلى هذا كان صفر ناقصا ، ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت إلا إن كان ذو الحجة والمحرم ناقصين فيلزم منه نقص ثلاثة أشهر متوالية ، وأما على قول من قال : مات أول يوم من ربيع الأول فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملا ، ولهذا رجحه السهيلي .

                                                                                                                                                                                                        وفي " المغازي لأبي معشر " عن محمد بن قيس قال : اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء لإحدى عشرة مضت من صفر ، وهذا موافق لقول سليمان التيمي المقتضي لأن أول صفر كان السبت ، وأما ما رواه ابن سعد من طريق عمر بن علي بن أبي طالب قال : " اشتكى رسول الله يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر فاشتكى ثلاث عشرة ليلة ، ومات يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول " فيرد على هذا الإشكال المتقدم ، وكيف يصح أن يكون أول صفر الأحد يكون تاسع عشرينه الأربعاء ؟ والغرض أن ذا الحجة أوله الخميس ، فلو فرض هو والمحرم كاملين لكان أول صفر الاثنين ، فكيف يتأخر إلى يوم الأربعاء ، فالمعتمد ما قال أبو مخنف ، وكأن سبب غلط غيره أنهم قالوا : مات في ثاني شهر ربيع الأول فتغيرت فصارت ثاني عشر ، واستمر الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضا من غير تأمل ، والله أعلم . وقد أجاب القاضي بدر الدين بن جماعة بجواب آخر فقال . يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت أي بأيامها فيكون موته في اليوم الثالث عشر ، ويفرض الشهور كوامل فيصح قول الجمهور . ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم لاثنتي عشرة فإنهم لا يفهمون منها إلا مضي الليالي ، ويكون ما أرخ بذلك واقعا في اليوم الثاني عشر . ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة وعشرين حديثا .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 737 ] الحديث الأول .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أم الفضل ) هي والدة ابن عباس ، وقد تقدم شرح حديثها في القراءة في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية