الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب صفة إبليس وجنوده وقال مجاهد يقذفون يرمون دحورا مطرودين واصب دائم وقال ابن عباس مدحورا مطرودا يقال مريدا متمردا بتكه قطعه واستفزز استخف بخيلك الفرسان والرجل الرجالة واحدها راجل مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر لأحتنكن لأستأصلن قرين شيطان

                                                                                                                                                                                                        3095 حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم وقال الليث كتب إلي هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه عن عائشة قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى كان ذات يوم دعا ودعا ثم قال أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما للآخر ما وجع الرجل قال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن الأعصم قال فيما ذا قال في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر قال فأين هو قال في بئر ذروان فخرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع فقال لعائشة حين رجع نخلها كأنه رءوس الشياطين فقلت استخرجته فقال لا أما أنا فقد شفاني الله وخشيت أن يثير ذلك على الناس شرا ثم دفنت البئر [ ص: 386 ] [ ص: 387 ] [ ص: 388 ] [ ص: 389 ] [ ص: 390 ] [ ص: 391 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 386 ] [ ص: 387 ] [ ص: 388 ] [ ص: 389 ] [ ص: 390 ] [ ص: 391 ] قوله : ( باب صفة إبليس وجنوده ) إبليس اسم أعجمي عند الأكثر ، وقيل : مشتق من أبلس إذا أيأس ، قال ابن الأنباري : لو كان عربيا لصرف كإكليل ، وقال الطبري : إنما لم يصرف وإن كان عربيا لقلة نظيره في كلام العرب فشبهوه بالعجمي ، وتعقب بأن ذلك ليس من موانع الصرف وبأن له نظائر كإخريط وإصليت ، واستبعد كونه مشتقا أيضا بأنه لو كان كذلك لكان إنما سمي إبليس بعد يأسه من رحمة الله بطرده ولعنه ، وظاهر القرآن أنه كان يسمى بذلك قبل ذلك ، كذا قيل ، ولا دلالة فيه ، لجواز أن يسمى بذلك باعتبار ما سيقع له ، نعم روى الطبري وابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال : كان اسم إبليس حيث كان مع الملائكة عزازيل ثم إبليس بعد . وهذا يؤيد ذلك القول والله أعلم . ومن أسمائه الحارث والحكم ، وكنيته أبو مرة . وفي كتاب " ليس لابن خالويه " كنيته أبو الكروبيين ، وقوله : " وجنوده " كأنه يشير بذلك إلى حديث أبي موسى الأشعري مرفوعا قال : إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول : من أضل مسلما ألبسته التاج الحديث أخرجه ابن حبان والحاكم والطبراني . ولمسلم من حديث جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عرش إبليس على البحر ، فيبعث سراياه فيفتنون الناس ، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة . واختلف هل كان من الملائكة ثم مسخ لما طرد أو لم يكن منهم أصلا ؟ على قولين مشهورين سيأتي بيانهما في التفسير إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مجاهد : ويقذفون يرمون ، دحورا : مطرودين ) يريد تفسير قوله تعالى : ويقذفون من كل جانب دحورا الآية ، وقد وصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كذلك ، وهذه صفة من يسترق السمع من الشياطين ، وسيأتي في التفسير أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن عباس : مدحورا مطرودا ) يريد تفسير قوله تعالى : فتلقى في جهنم ملوما مدحورا وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة ، وإنما ذكره البخاري هنا استطرادا لذكره دحورا قبله وإن كان لا يتعلق بإبليس وجنوده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويقال مريدا متمردا ) هو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى : وإن يدعون إلا شيطانا مريدا أي متمردا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بتكه قطعه ) قال أبو عبيدة في قوله : فليبتكن آذان الأنعام أي ليقطعن ، يقال بتكه قطعه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( واستفزز : استخف بخيلك الفرسان ، والرجل الرجالة واحدها راجل مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر ) هو كلام أبي عبيدة أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لأحتنكن : لأستأصلن ) قال أبو عبيدة في قوله تعالى : لأحتنكن ذريته إلا قليلا يقول لأستميلنهم ولأستأصلنهم يقال احتنك فلان ما عند فلان إذا أخذ جميع ما عنده .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 392 ] قوله : ( قرين : شيطان ) روى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : قال قائل منهم إني كان لي قرين قال شيطان وعن غير مجاهد خلافه ، وروى الطبري عن مجاهد والسدي في قوله تعالى : وقيضنا لهم قرناء قال شياطين .

                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر المصنف في الباب سبعة وعشرين حديثا الأول حديث عائشة قالت : " سحر النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث ، وسيأتي شرحه في كتاب الطب ، ووجه إيراده هنا من جهة أن السحر إنما يتم باستعانة الشياطين على ذلك ، وسيأتي إيضاح ذلك هناك ، وقد أشكل ذلك على بعض الشراح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الليث كتب إلي هشام بن عروة إلخ ) رويناه موصولا في نسخة عيسى بن حماد رواية أبي بكر بن أبي داود عنه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية