الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 5 ]

                                                                                      أبو بردة ( ع )

                                                                                      بن أبي موسى ، عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري ، الفقيه ، العلامة ، قاضي الكوفة .

                                                                                      حدث عن أبيه ، وعلي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن سلام ، وأبي هريرة ، وآخرين .

                                                                                      حدث عنه حفيده أبو بردة يزيد بن عبد الله بن أبي بردة ، وابنه بلال بن أبي بردة الأمير وثابت البناني ، وقتادة ، وبكير بن الأشج ، وأبو إسحاق الشيباني ، وابنه سعيد بن أبي بردة ، وطلحة بن يحيى وحكيم بن الديلم ، وحميد بن هلال ، وأبو حصين ، وعبد الأعلى بن أبي المساور ، وخلق سواهم .

                                                                                      وكان من أوعية العلم ، حجة باتفاق ، اسمه عامر فيما قيل ، وولي قضاء الكوفة بعد شريح مدة ، ثم عزله الحجاج ، وولى أخاه أبا بكر بن أبي موسى .

                                                                                      عبد الله بن وهب حدثنا ابن عياش القتباني ، عن أبيه ، أن يزيد بن [ ص: 6 ] المهلب ولي خراسان ، فقال : دلوني على رجل كامل بخصال الخير ، فدل على أبي بردة ، فلما رآه ، رأى رجلا قانعا فلما كلمه رأى من مخبره أفضل من مرآه ، فقال له : إني وليتك كذا وكذا من عملي ، فاستعفاه ، فأبى ، وقال : حدثني أبي أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من تولى عملا - وهو يعلم أنه ليس له بأهل- فليتبوأ مقعده من النار أخرجه الروياني في " مسنده " عن أحمد ابن أخي ابن وهب عنه .

                                                                                      وروى سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، قال بعثني أبي أبو موسى إلى عبد الله بن سلام لأتعلم منه .

                                                                                      قال أبو نعيم : مات أبو بردة سنة أربع ومائة وقال الواقدي : مات سنة ثلاث ومائة .

                                                                                      فأما أخوه أبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي المذكور ، فهو كوفي عثماني عالم ثقة ، حدث عن أبيه ، وعن أبي هريرة ، وابن عباس ، وجابر بن سمرة .

                                                                                      حدث عنه أبو عمران الجوني ، وأبو جمرة الضبعي ، وحجاج بن أرطاة ، ويونس بن أبي إسحاق وآخرون .

                                                                                      ولاه الحجاج قضاء الكوفة ، وعاش بعد أخيه أبي بردة قليلا ، حديثهما في الكتب .

                                                                                      وأما الأمير بلال بن أبي بردة فولي أيضا على البصرة ، وكان جليلا [ ص: 7 ] كريما ، مدحه ذو الرمة ، وكان قد أصابه جذام ، فكان ينتقع في السمن الكثير ولما ولي يوسف بن عمر العراق ، أخذ بلالا ، وعذبه حتى مات سنة نيف وعشرين ومائة .

                                                                                      وقيل : إن أبا بردة افتخر يوما بأبيه وبصحبته ، فقال الفرزدق : لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم النبي -صلى الله عليه وسلم- فامتعض لها أبو بردة ، وقال : أما إنه ما حجم أحدا غيره ، فقال الفرزدق : كان أبو موسى أورع من أن يجرب الحجامة في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسكت أبو بردة على حنق .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية