الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن تيمية

                                                                                      الشيخ الإمام العلامة فقيه العصر شيخ الحنابلة مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني ، ابن تيمية .

                                                                                      ولد سنة تسعين وخمسمائة تقريبا .

                                                                                      وتفقه على عمه فخر الدين الخطيب ، وسار إلى بغداد ، وهو مراهق مع السيف ابن عمه ، فسمع من أبي أحمد بن سكينة ، وابن طبرزذ ، يوسف بن كامل ، وضياء بن الخريف ، وعدة . وسمع بحران من حنبل المكبر ، وعبد القادر الحافظ . وتلا بالعشر على الشيخ عبد الواحد بن سلطان .

                                                                                      حدث عنه ولده شهاب الدين ، والدمياطي ، وأمين الدين ابن شقير ، وعبد الغني بن منصور المؤذن ، ومحمد بن محمد الكنجي ، والشيخ محمد بن القزاز ، والشيخ محمد بن زباطر ، والواعظ محمد بن عبد المحسن الخراط ، وعدة .

                                                                                      [ ص: 292 ] وتفقه ، وبرع ، واشتغل ، وصنف التصانيف ، وانتهت إليه الإمامة في الفقه ، وكان يدري القراءات ، وصنف فيها أرجوزة . تلا عليه الشيخ القيرواني .

                                                                                      وقد حج في سنة إحدى وخمسين على درب العراق ، وانبهر علماء بغداد لذكائه وفضائله ، والتمس منه أستاذ دار الخلافة محيي الدين بن الجوزي الإقامة عندهم ، فتعلل بالأهل والوطن .

                                                                                      سمعت الشيخ تقي الدين أبا العباس يقول : كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول : ألين للشيخ المجد الفقه كما ألين لداود الحديد . ثم قال الشيخ : وكانت في جدنا حدة قال : وحكى البرهان المراغي أنه اجتمع بالشيخ المجد ، فأورد على الشيخ نكتة فقال : الجواب عنها من ستين وجها : الأول كذا ، الثاني كذا ، وسردها إلى آخرها ، وقال : قد رضينا منك بإعادة الأجوبة ، فخضع البرهان له وانبهر .

                                                                                      وقال العلامة بن حمدان : كنت أطالع على درس الشيخ وما أبقي ممكنا فإذا أصبحت وحضرت ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها قبل .

                                                                                      قال الشيخ تقي الدين : كان جدنا عجبا في سرد المتون وحفظ مذاهب الناس وإيرادها بلا كلفة .

                                                                                      حدثني الإمام عبد الله بن تيمية أن جده ربي يتيما ، ثم سافر مع ابن عمه إلى العراق ليخدمه وينفقه ، وله ثلاث عشرة سنة فكان يبيت عنده ويسمعه يكرر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة ، فقال الفخر إسماعيل [ ص: 293 ] يوما : أيش حفظ الننين فبدر المجد وقال : حفظت يا سيدي الدرس وسرده فبهت الفخر ، وقال : هذا يجيء منه شيء . ثم عرض على الفخر مصنفه " جنة الناظر " وكتب له عليه في سنة ست وستمائة وعظمه ، فهو شيخه في علم النظر ، وأبو البقاء شيخه في النحو والفرائض ، وأبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المني شيخه في الفقه ، وابن سلطان شيخه في القراءات ، وقد أقام ببغداد ستة أعوام مكبا على الاشتغال ورجع ، ثم ارتحل إلى بغداد قبل العشرين وستمائة ، فتزيد من العلم ، وصنف التصانيف ، مع الدين والتقوى ، وحسن الاتباع ، وجلالة العلم .

                                                                                      توفي بحران يوم الفطر سنة اثنتين وخمسين وستمائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية