الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن إسحاق ( 4 )

                                                                                      محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار ، وقيل : ابن كوثان العلامة الحافظ الأخباري أبو بكر ، وقيل : أبو عبد الله القرشي المطلبي مولاهم المدني ، صاحب السيرة النبوية ، وكان جده يسار من سبي عين التمر في دولة خليفة رسول الله [ ص: 34 ] - صلى الله عليه وسلم - وكان مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف - رضي الله عنه - ولد ابن إسحاق سنة ثمانين ورأى أنس بن مالك بالمدينة ، وسعيد بن المسيب .

                                                                                      وحدث عن : أبيه وعمه موسى بن يسار ، وعن أبان بن عثمان - فيما قيل - وعن بشير بن يسار ، وسعيد بن أبي هند ، وسعيد المقبري ، وأبي سفيان طلحة بن نافع ، وعباس بن سهل بن سعيد ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعمرو بن شعيب ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وأبي جعفر الباقر ، ومكحول الهذلي ، ونافع العمري ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن - إن صح - وفاطمة بنت المنذر بن الزبير ، ومعبد بن كعب بن مالك ، والزهري ، والقاسم بن محمد - فيما قيل - وعكرمة بن خالد المخزومي ، وسعد بن إبراهيم ، وسعيد بن عبيد بن السباق .

                                                                                      وعاصم بن عمر بن قتادة ، وصدقة بن يسار ، والصلت بن عبد الله بن نوفل بن الحارث الهاشمي ، وعباد بن الوليد بن عبادة ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وعبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي ، وعبد الرحمن بن القاسم ، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر ، ومحمد بن أبي أمامة بن سهل ، ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، ومحمد بن عمرو بن عطاء ، ومحمد بن المنكدر ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، ونبيه بن وهب ، ويزيد بن أبي حبيب ، ويعقوب بن عتبة ، وأبي عبيدة بن محمد بن عمار ، ومحمد بن الزبير الحنظلي ، وسليمان بن سحيم ، وابن طاوس ، وخلق كثير ، إلى أن ينزل إلى صالح بن كيسان ، ومحمد بن السائب الكلبي ، وروح بن القاسم ، وشعبة وطائفة . [ ص: 35 ] وهو أول من دون العلم بالمدينة ، وذلك قبل مالك وذويه ، وكان في العلم بحرا عجاجا ، ولكنه ليس بالمجود كما ينبغي .

                                                                                      حدث عنه : يزيد بن أبي حبيب شيخه ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وهما من التابعين وفاقا ، وشعبة ، والثوري ، والحمادان ، وأبو عوانة ، وهشيم ، ويزيد بن زريع ، وأبو شهاب الحناط ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وزهير بن معاوية ، وموسى بن أعين ، وجرير بن حازم ، وجرير بن عبد الحميد ، وابن عون ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند - وهما أكبر منه - وسفيان بن عيينة ، وجرير بن عبد الحميد .

                                                                                      وحفص بن غياث ، وعبدة بن سليمان ، وأبو خالد الأحمر ، وابن إدريس ، وابن نمير ، وزياد البكائي ، وسلمة الأبرش ، وسعدان بن يحيى ، وعبد الأعلى السامي ، ومحمد بن سلمة الحراني ، وابن فضيل ، وابن أبي عدي ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، ويزيد بن هارون ، ويونس بن بكير ، ويعلى بن عبيد ، وأخوه محمد بن عبيد ، وعبد الرحمن بن مغراء ، ويحيى بن سعيد الأموي ، وأبو تميلة يحيى بن واضح ، وأحمد بن خالد الوهبي ، وأمم سواهم يشق استقصاؤهم ، ويبعد إحصاؤهم .

                                                                                      قال مصعب الزبيري : يسار مولى قيس بن مخرمة من سبي عين التمر ، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق .

                                                                                      وروى سلمة بن الفضل عن أبي إسحاق قال : رأيت أنس بن مالك عليه عمامة سوداء ، والصبيان يشتدون ، ويقولون : هذا رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يموت حتى يلقى الدجال .

                                                                                      محمد بن حميد : عن جرير قال : رأيت ابن إسحاق يخضب بالسواد .

                                                                                      قال المفضل الغلابي : سألت يحيى بن معين عن ابن إسحاق ، فقال : كان ثقة ، حسن الحديث : فقلت : إنهم يزعمون أنه رأى سعيد بن المسيب . [ ص: 36 ] فقال : إنه لقديم . وروى عباس عن يحيى ، قال : قد سمع أبان بن عثمان ومن عطاء ، ومن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، ومن القاسم ، قال : وسمع من مكحول ومن عبد الرحمن بن الأسود .

                                                                                      قال ابن المديني ، عن سفيان ، عن الزهري ، قال : لا يزال بالمدينة علم ما بقي هذا - عنى ابن إسحاق .

                                                                                      قال علي بن المديني : مدار حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ستة ، فذكرهم ، ثم قال : فصار علم الستة عند اثني عشر ، أحدهم محمد بن إسحاق .

                                                                                      وقال نعيم بن حماد ، عن سفيان قال : رأيت الزهري أتاه محمد بن إسحاق ، فاستبطأه فقال له : أين كنت ؟ قال : وهل يصل إليك أحد مع حاجبك ، قال : فدعا حاجبه ، فقال له : لا تحجبه إذا جاء .

                                                                                      وقال : قال سفيان ، قال أبو بكر الهذلي : سمعت الزهري يقول : لا يزال بالمدينة علم جم ما دام فيهم ابن إسحاق .

                                                                                      وقال علي : عن ابن عيينة ، قال ابن شهاب ، وسئل عن مغازيه ، فقال : هذا أعلم الناس بها - يعني ابن إسحاق .

                                                                                      وروى حرملة عن الشافعي قال : من أراد أن يتبحر في المغازي ، فهو عيال على محمد بن إسحاق .

                                                                                      وقال ابن أبي خيثمة : سألت يحيى بن معين عن ابن إسحاق ، فقال :

                                                                                      قال عاصم بن عمر بن قتادة : لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق .

                                                                                      ابن أبي خيثمة : حدثنا هارون بن معروف ، سمعت أبا معاوية يقول : [ ص: 37 ] كان ابن إسحاق من أحفظ الناس ، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر ، فاستودعها عند ابن إسحاق قال : احفظها علي ، فإن نسيتها كنت قد حفظتها علي .

                                                                                      قال الخليلي : قال ابن إدريس الحافظ : كيف لا يكون ابن إسحاق ثقة وقد سمع من الأعرج ، ويروي عنه ، ثم يروي عن أبي الزناد عنه ، ثم يروي عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عنه . ثم قال الخليلي : روى عن ابن إسحاق من أستاذيه : الزهري وصالح بن كيسان وعقيل ويونس .

                                                                                      وقال ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال - رأى ابن إسحاق مقبلا - : لا يزال بالحجاز علم كثير ما دام هذا الأحول .

                                                                                      النفيلي : عن عبد الله بن فائد ، قال : كنا إذا جلسنا إلى محمد بن إسحاق ، فأخذ في فن من العلم ، قضى مجلسه في ذلك الفن .

                                                                                      قلت : قد كان في المغازي علامة .

                                                                                      قال الميموني : حدثنا أبو عبد الله بحديث استحسنه عن ابن إسحاق ،

                                                                                      فقلت : يا أبا عبد الله ! ما أحسن هذه القصص التي يجيئ بها ابن إسحاق ! فتبسم إلي متعجبا .

                                                                                      ابن المديني : سمعت سفيان ، وسئل عن ابن إسحاق : لم لم يرو أهل المدينة عنه ؟ فقال : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة ، وما يتهمه أحد من أهل المدينة ، ولا يقول فيه شيئا . فقلت له : كان ابن إسحاق يجالس فاطمة بنت المنذر ؟ فقال : أخبرني أنها حدثته ، وأنه دخل عليها .

                                                                                      قال محمد بن الذهبي هو صادق في ذلك بلا ريب . [ ص: 38 ]

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ، سمعت يحيى بن سعيد يقول : سمعت هشام بن عروة يقول : تحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ، والله إن رآها قط .

                                                                                      قلت : هشام صادق في يمينه ، فما رآها ، ولا زعم الرجل أنه رآها ، بل ذكر أنها حدثته ، وقد سمعنا من عدة نسوة وما رأيتهن . وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة ، وما رأوا لها صورة أبدا .

                                                                                      قال عبد الله بن أحمد : فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق ; فقال : ولم ينكر هشام ؟ لعله جاء ، فاستأذن عليها ، فأذنت له - يعني ولم يعلم .

                                                                                      قال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن ابن إسحاق ، فقال : هو حسن الحديث ، ثم قال : وقال مالك ، وذكره فقال : دجال من الدجاجلة .

                                                                                      قال الخطيب : ذكر بعضهم : أن مالكا عابه جماعة من أهل العلم في زمانه بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة .

                                                                                      قلت : كلا ، ما عابهم إلا وهم عنده بخلاف ذلك ، وهو مثاب على ذلك ، وإن أخطأ اجتهاده - رحمة الله عليه .

                                                                                      ثم قال الخطيب : أنبأنا البرقاني ، حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الآدمي ، حدثنا محمد بن علي الإيادي ، حدثنا زكريا الساجي ، حدثني أحمد بن محمد البغدادي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا محمد بن فليح ، قال : قال لي مالك : هشام بن عروة كذاب . قال أحمد - وهو الأثرم [ ص: 39 ] إن شاء الله - : فسألت يحيى بن معين ، فقال : عسى أراد في الكلام ، أما في الحديث ، فثقة ، وهو من الرواة عنه .

                                                                                      قال : وقال إبراهيم بن المنذر : حدثني عبد الله بن نافع ، قال : كان ابن أبي ذئب ، وابن الماجشون ، وابن أبي حازم ، وابن إسحاق يتكلمون في مالك ، وكان أشدهم فيه كلاما محمد بن إسحاق ، كان يقول : ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه ، أنا بيطار كتبه .

                                                                                      قال الخطيب : أما كلام مالك في ابن إسحاق فمشهور ، وأما حكاية ابن فليح عنه في هشام بن عروة ، فليست بالمحفوظة ، وراويها عن ابن المنذر لا يعرف .

                                                                                      قلت : فهي مردودة .

                                                                                      وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأشياء ، منها : تشيعه ، ونسب إلى القدر ، ويدلس في حديثه ، فأما الصدق ، فليس بمدفوع عنه .

                                                                                      وقال البخاري : رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق . وذكر عن سفيان أنه ما رأى أحدا يتهمه .

                                                                                      قال : وقال إبراهيم بن المنذر : حدثنا عمر بن عثمان أن الزهري كان تلقف المغازي من ابن إسحاق فيما يحدثه عن عاصم بن عمر ، والذي يذكر عن مالك في ابن إسحاق ، لا يكاد يتبين ، وكان إسماعيل بن أبي أويس من أتبع من رأينا لمالك ، أخرج إلي كتب ابن إسحاق عن أبيه في المغازي وغيرها ، فانتخبت منها كثيرا .

                                                                                      قال : وقال لي إبراهيم بن حمزة : كان عند إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام ، سوى المغازي . [ ص: 40 ]

                                                                                      قلت : يعني بتكرار طرق الأحاديث ، فأما المتون الأحكامية التي رواها فما تبلغ عشر ذلك . وذكر البخاري هنا فصلا حسنا عن رجاله ، وإبراهيم بن سعد ، وصالح بن كيسان ، فقد أكثرا عن ابن إسحاق . قال البخاري : ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق ، فلربما تكلم الإنسان ، فيرمي صاحبه بشيء واحد ، ولا يتهمه في الأمور كلها . قال : وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح : نهاني مالك عن شيخين من قريش ، وقد أكثر عنهما في " الموطأ " وهما ممن يحتج بهما ، ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم ، نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي ، وكلام الشعبي في عكرمة وفيمن كان قبلهم ، وتناول بعضهم في العرض والنفس ، ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة ، والكلام في هذا كثير .

                                                                                      قلت : لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيرا من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ولا سيما إذا وثق [ ص: 41 ] الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف ، وهذان الرجلان كل منهما قد نال من صاحبه ، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين ، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة ، وارتفع مالك ، وصار كالنجم ، والآخر ، فله ارتفاع بحسبه ، ولا سيما في السير ، وأما في أحاديث الأحكام ، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن ، إلا فيما شذ فيه ، فإنه يعد منكرا . هذا الذي عندي في حاله ، والله أعلم .

                                                                                      قال يونس بن بكير : سمعت شعبة يقول : محمد بن إسحاق أمير المحدثين لحفظه .

                                                                                      وقال علي بن عبد الله : نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ، ويمكن أن يكونا صحيحين .

                                                                                      وقال بعض الأئمة : الذي يذكر عن هشام بن عروة من قوله : كيف يدخل على امرأتي ؟ لو صح هذا من هشام لجاز أن تكتب إليه فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزا ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لأمير السرية كتابا ، فقال له : " لا تقرأه حتى تبلغ موضع كذا وكذا " فلما بلغه قرأه وعمل به . وكذلك [ ص: 42 ] الخلفاء والأئمة يفضون بكتاب بعضهم إلى بعض . وجائز أن يكون سمع منها ، وبينهما حجاب في غيبة زوجها .

                                                                                      قلت : ذاك الظن بهما كما أخذ خلق من التابعين عن الصحابيات ، مع جواز أن يكون دخل عليها ، ورآها وهو صبي ، فحفظ عنها ، مع احتمال أن يكون أخذ عنها حين كبرت وعجزت ، وكذا ينبغي ، فإنها أكبر من هشام بأزيد من عشر سنين ، فقد سمعت من جدتها أسماء ، ولما روت لابن إسحاق كان لها قريب من ستين سنة .

                                                                                      قال أبو زرعة الدمشقي : ابن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه ، منهم : سفيان ، وشعبة ، وابن عيينة ، والحمادان ، وابن المبارك ، وإبراهيم بن سعد ، وروى عنه من القدماء : يزيد بن أبي حبيب . وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا مع مدح ابن شهاب له ، وقد ذاكرت دحيما قول مالك ، فرأى أن ذلك ليس للحديث ، إنما هو لأنه اتهم بالقدر . [ ص: 43 ]

                                                                                      وقال أبو إسحاق الجوزجاني : ابن إسحاق الناس يشتهون حديثه ، وكان يرمى بغير نوع من البدع .

                                                                                      وقال سعيد بن داود الزبيري ، عن عبد العزيز الدراوردي : كنا في مجلس ابن إسحاق نتعلم ، فأغفى إغفاءة ، فقال : إني رأيت في المنام الساعة : كأن إنسانا دخل المسجد ومعه حبل ، فوضعه في عنق حمار فأخرجه . فما لبثنا أن دخل المسجد رجل معه حبل حتى وضعه في عنق ابن إسحاق فأخرجه ، قال : فذهب به إلى السلطان فجلد . قال الزبيري : من أجل القدر .

                                                                                      وقال أبو العباس بن عقدة : حدثنا موسى بن هارون بن إسحاق ، سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : كان ابن إسحاق يرمى بالقدر . وكان أبعد الناس منه .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : سمعت ابن نمير - وذكر ابن إسحاق - فقال : إذا حدث عمن سمع منه من المعروفين ، فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .

                                                                                      قال إسحاق بن أحمد بن خلف ، البخاري الحافظ : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : محمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها لا يشاركه فيها أحد .

                                                                                      وقال سليمان بن إسحاق الجلاب : سألت إبراهيم الحربي : تكلم أحد في ابن إسحاق ؟ فقال : أما سفيان بن عيينة فكان يقول - يعني عن الزهري - : [ ص: 44 ] لا يزال بالمدينة علم ما عاش هذا الغلام - يعني ابن إسحاق - ولكن حدثني مصعب قال : كانوا يطعنون عليه بشيء من غير جنس الحديث .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : سألت عليا : كيف حديث ابن إسحاق عندك ، صحيح ؟ فقال : نعم ، حديثه عندي صحيح . قلت : فكلام مالك فيه ؟ قال : مالك لم يجالسه ولم يعرفه ، وأي شيء حدث به ابن إسحاق بالمدينة ؟ !

                                                                                      قلت : فهشام بن عروة قد تكلم فيه . فقال علي : الذي قال هشام ليس بحجة ، لعله دخل على امرأته وهو غلام ، فسمع منها . إن حديثه ليتبين فيه الصدق . يروي مرة : حدثني أبو الزناد ، ومرة ذكر أبو الزناد ، ويروي عن رجل عمن سمع منه يقول : حدثني سفيان بن سعيد ، عن سالم أبي النضر ، عن عمير صوم يوم عرفة وهو من أروى الناس عن أبي النضر ، ويقول : حدثني الحسن بن دينار ، عن أيوب ، عن عمرو بن شعيب في سلف وبيع وهو من أروى الناس عن عمرو . [ ص: 45 ]

                                                                                      قال يعقوب الفسوي : قال علي : لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين : نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا نعس أحدكم يوم الجمعة " والزهري ، عن عروة ، عن زيد بن خالد " إذا مس أحدكم فرجه " هذان لم يروهما عن أحد ، والباقون يقول : ذكر فلان ، ولكن هذا فيه : حدثنا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية