الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 179 ] حمزة بن محمد

                                                                                      ابن علي بن العباس الإمام الحافظ القدوة ، محدث الديار المصرية ، أبو القاسم الكناني المصري ، صاحب مجلس البطاقة .

                                                                                      ولد سنة خمس وسبعين ومائتين .

                                                                                      وسمع عمران بن موسى الطبيب ، ومحمد بن سعيد السراج ، وأبا عبد الرحمن النسائي ، والحسن بن أحمد بن الصيقل ، وسعيد بن عثمان الحراني ، وأبا يعقوب المنجنيقي ، وداود بن شيبة ، وعبدان الأهوازي ، وأبا يعلى الموصلي ، ومحمد بن المعافى الصيداوي ، وجماهر بن محمد الزملكاني ، وأبا خليفة الجمحي ، لحقه بالبصرة .

                                                                                      وجمع وصنف ، وكان متقنا مجودا ، ذا تأله وتعبد .

                                                                                      حدث عنه : الدارقطني ، وابن منده ، وعبد الغني بن سعيد ، وتمام بن محمد الرازي ، وشعيب بن المنهال ، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر ، وعلي بن حمصة الحراني ، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن عمر بن النحاس ، وأحمد بن فتح القرطبي ابن الرسان ، ومحمد بن إبراهيم المشكيالي الطليطلي ، وأبو الحسن القابسي ، وخلق سواهم .

                                                                                      [ ص: 180 ] قال أبو عبد الله الحاكم : حمزة المصري - هو على تقدمه في معرفة الحديث - أحد من يذكر بالزهد والورع والعبادة . سمع النسائي ، وأبا خليفة ، وأقرانهما بالحجاز والعراقين .

                                                                                      قال محمد بن علي الصوري : سمعت عبد الغني الحافظ يقول : وجرى ذكر حمزة بن محمد فقال : كل شيء له في سنة خمس : ولد سنة خمس وسبعين ، وأول سماعه في سنة خمس وتسعين ، ورحل إلى العراق سنة خمس وثلاثمائة .

                                                                                      قال الصوري : كان حمزة حافظا ثبتا .

                                                                                      قال ابن زولاق : حدثني الحافظ قال : رحلت سنة خمس ، فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله بن عبدة ، فكتبت عنه ، فكان يقول لي : لو عرفتك بمصر لملأت ركائبك ذهبا ، فيقال : أعطاه مائتي دينار ترحل بها إلى العراق .

                                                                                      قال أبو عمر بن عبد البر : سمعت عبد الله بن محمد بن أسد ، سمعت حمزة الكناني يقول : خرجت حديثا واحدا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو مائتي طريق ، فداخلني لذلك من الفرح غير قليل ، وأعجبت بذلك ، فرأيت يحيى بن معين في المنام ، فقلت : يا أبا زكريا ، خرجت حديثا من مائتي طريق ، فسكت عني ساعة ، ثم قال : أخشى أن تدخل هذه تحت ألهاكم التكاثر .

                                                                                      قال أبو عبد الله بن منده : سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول : كنت أكتب الحديث ، فلا أكتب ( وسلم ) بعد صلى الله عليه . فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، فقال لي : أما تختم الصلاة علي في كتابك ؟ ! .

                                                                                      أنبأنا الخضر بن حمويه ، عن القاسم بن علي ، حدثنا أبي ، أخبرنا ابن [ ص: 181 ] الأكفاني ، أخبرنا سهل بن بشر ، سمعت علي بن عمر الحراني ، سمعت حمزة بن محمد الحافظ ، وجاءه غريب ، فقال : إن عسكر أبي تميم - يعني المغاربة - قد وصلوا إلى الإسكندرية ، فقال : اللهم لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر . فمات حمزة ، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام .

                                                                                      قلت : هؤلاء عسكر المعز العبيدي الإسماعيلية ، تملكوا مصر في هذا الوقت ، وبنوا في الحال مدينة القاهرة المعزية . فأماتوا السنة ، وأظهروا الرفض ، ودامت دولتهم أزيد من مائتي عام ، حتى أبادهم السلطان صلاح الدين . ونسبهم إلى علي رضي الله عنه غير صحيح .

                                                                                      مات حمزة في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة عن بضع وثمانين سنة ، قاله المحدث يحيى بن علي بن الطحان .

                                                                                      وفيها مات الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي النخعي ، وأبو العباس عبد الله بن الحسين النضري المروي ، وعبد الرحمن بن العباس المخلص ، وعمر بن جعفر البصري ، وأبو عبد الله بن محرم .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، وعلي بن محمد قالا : أخبرنا الحسن بن صباح ، أخبرنا ابن رفاعة ، أخبرنا أبو الحسن الخلعي ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر ، حدثنا حمزة بن محمد الحافظ ، سمعت الصيدلاني عباسا الدوري ، سمعت يحيى بن معين يقول : إذا رأيت الرجل يخرج من منزله بلا محبرة ولا قلم يطلب الحديث ، فقد عزم على الكذبة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية