الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الربيع بن سليمان ( د ، ق ، س ، ت )

                                                                                      ابن عبد الجبار بن كامل ، الإمام المحدث الفقيه الكبير ، بقية الأعلام ، أبو محمد ، المرادي ، مولاهم المصري المؤذن ، صاحب الإمام الشافعي ، وناقل علمه ، وشيخ المؤذنين بجامع الفسطاط ومستملي مشايخ وقته .

                                                                                      مولده في سنة أربع وسبعين ومائة أو قبلها بعام .

                                                                                      سمع عبد الله بن وهب ، وبشر بن بكر التنيسي ، وأيوب بن سويد الرملي ، ومحمد بن إدريس المطلبي ، ويحيى بن حسان ، وأسد السنة ، وسعيد بن أبي مريم ، وأبا صالح ، وعددا كثيرا .

                                                                                      ولم يكن صاحب رحلة ، فأما ما يروى أن الشافعي بعثه إلى بغداد [ ص: 588 ] بكتابه إلى أحمد بن حنبل ، فغير صحيح .

                                                                                      حدث عنه : أبو داود ، وابن ماجه ، والنسائي ، وأبو عيسى بواسطة ، في كتبهم ، والواسطة الذي في " الجامع " هو محمد بن إسماعيل السلمي . ومنهم أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وزكريا الساجي ، وصالح بن محمد ، وابن أبي داود ، وابن صاعد ، وأبو نعيم ، عبد الملك بن عدي ، وأبو جعفر الطحاوي ، وأبو بكر بن زياد النيسابوري ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم ، ومحمد بن هارون الروياني ، وأبو عوانة الإسفراييني ، وأبو الحسن بن جوصا ، وأبو علي بن حبيب الحصائري ، وعيسى بن موسى البلدي ، وأحمد بن بهزاذ الفارسي ، وأبو العباس الأصم ، وأحمد بن مسعود العكري ، وأبو الفوارس بن الصابوني ، وخلق كثير من المشارقة والمغاربة .

                                                                                      وطال عمره ، واشتهر اسمه ، وازدحم عليه أصحاب الحديث . ونعم الشيخ كان ، أفنى عمره في العلم ونشره ، ولكن ما هو بمعدود في الحفاظ ، وإنما كتبته في " التذكرة " وهنا لإمامته وشهرته بالفقه والحديث .

                                                                                      قال النسائي وغيره : لا بأس به .

                                                                                      وقال أبو سعيد بن يونس وغيره : ثقة .

                                                                                      ورووا عن الربيع أنه قال : كل محدث حدث بمصر بعد ابن وهب كنت مستمليه .

                                                                                      وقال علي بن قديد المصري : كان الربيع يقرأ بالألحان . [ ص: 589 ] وروي عن الشافعي أنه قال للربيع : لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك ، وقال أيضا : الربيع راوية كتبي .

                                                                                      وقال أبو عمر بن عبد البر : ذكر محمد بن إسماعيل الترمذي أسماء من أخذ عن الربيع كتب الشافعي ، ورحل إليه فيها من الآفاق ، فسمى نحو مائتي رجل .

                                                                                      قال أبو عمر : وكان الربيع لا يؤذن في منارة جامع مصر أحد قبله ، وكانت الرحلة إليه في كتب الشافعي ، وكانت فيه سلامة وغفلة . ولم يكن قائما بالفقه .

                                                                                      قلت : قد كان من كبار العلماء ، ولكن ما يبلغ رتبة المزني ، كما أن المزني لا يبلغ رتبة الربيع في الحديث . وقد روى أبو عيسى في " جامعه " عن الربيع بالإجازة ، وقد سمعنا من طريقه " المسند " للشافعي انتقاه أبو العباس الأصم من كتاب " الأم " لينشط لروايته للرحالة ، وإلا فالشافعي -رحمه الله- لم يؤلف مسندا .

                                                                                      وقيل إن هذا الشعر للربيع :

                                                                                      صبرا جميلا ما أسرع الفرجا من صدق الله في الأمور نجا     من خشي الله لم ينله أذى
                                                                                      ومن رجا الله كان حيث رجا

                                                                                      [ ص: 590 ]

                                                                                      قال أبو جعفر الطحاوي : مات الربيع مؤذن جامع الفسطاط في يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خلت من شوال سنة سبعين ومائتين ، وصلى عليه الأمير خمارويه ، يعني : صاحب مصر ، وابن صاحبها أحمد بن طولون .

                                                                                      قرأت على عمر بن عبد المنعم ، عن أبي القاسم عبد الصمد بن محمد حضورا ، أخبرنا جمال الإسلام علي بن المسلم ، أخبرنا الحسين بن طلاب ، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني بصيدا ، حدثنا عيسى بن موسى إمام المسجد ببلد . قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا بشر بن بكر ، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ما من رجل يمر على قبر رجل كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه إلا عرفه ، ورد عليه السلام .

                                                                                      غريب ، ومع ضعفه ففيه انقطاع ، ما علمنا زيدا سمع أبا هريرة .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني مرات ، أخبرنا محمد بن سعيد الصوفي ببغداد ، وقرأت على أبي الحسين علي بن محمد الحافظ ، وغيره ، قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك ، قالا : أخبرنا طاهر بن محمد المقدسي ، أخبرنا مكي بن منصور الكرجي ( ح ) ، وقرأت على أحمد بن عبد المنعم ، عن محمد بن أحمد الصيدلاني إجازة عامة ، عن عبد الغفار الشيروي كذلك ، قالا : حدثنا القاضي أبو بكر الحيري ، حدثنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد العزيز بن محمد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن [ ص: 591 ] أبي هريرة : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد .

                                                                                      قال عبد العزيز : فذكرت ذلك لسهيل ، فقال : أخبرني ربيعة -وهو عندي ثقة- أني حدثته إياه ولا أحفظه قال عبد العزيز : وكان قد أصابت سهيلا علة أصيب ببعض حفظه ، ونسي بعض حديثه ، فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه . أخرجه أبو داود عن الربيع .

                                                                                      ومن أقرانه الإمام المحدث الثقة ، أبو محمد :

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية