الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الآداب باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء

                                                                                                                2131 حدثني أبو كريب محمد بن العلاء وابن أبي عمر قال أبو كريب أخبرنا وقال ابن أبي عمر حدثنا واللفظ له قالا حدثنا مروان يعنيان الفزاري عن حميد عن أنس قال نادى رجل رجلا بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أعنك إنما دعوت فلانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي [ ص: 293 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 293 ] قوله : ( نادى رجل رجلا بالبقيع : يا أبا القاسم ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لم أعنك ، إنما دعوت فلانا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ) .

                                                                                                                اختلف العلماء في هذه المسألة على مذاهب كثيرة ، وجمعها القاضي وغيره : أحدها : مذهب الشافعي وأهل الظاهر أنه لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا سواء كان اسمه محمدا أو أحمد ، أم لم يكن ، لظاهر هذا الحديث .

                                                                                                                والثاني : أن هذا النهي منسوخ ؛ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر لهذا المعنى المذكور في الحديث ، ثم نسخ . قالوا : فيباح التكني اليوم بأبي القاسم لكل أحد ، سواء من اسمه محمد وأحمد وغيره ، وهذا مذهب مالك . قال القاضي : وبه قال جمهور السلف ، وفقهاء الأمصار ، وجمهور العلماء . قالوا : وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول ، وفيما بعد ذلك إلى اليوم ، مع كثرة فاعل ذلك ، وعدم الإنكار .

                                                                                                                الثالث : مذهب ابن جرير أنه ليس بمنسوخ ، وإنما كان النهي للتنزيه والأدب ، لا للتحريم .

                                                                                                                الرابع : أن النهي عن التكني [ ص: 294 ] بأبي القاسم مختص بمن اسمه محمد أو أحمد ، ولا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى بواحد من الاسمين ، وهذا قول جماعة من السلف ، وجاء فيه حديث مرفوع عن جابر .

                                                                                                                الخامس : أنه ينهى عن التكني بأبي القاسم مطلقا ، وينهى عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم ، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه هذا الحديث ، فسماه عبد الملك ، وكان سماه أولا القاسم ، وفعله بعض الأنصار أيضا .

                                                                                                                السادس : أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا ، سواء كان له كنية أم لا ، وجاء فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( تسمون أولادكم محمدا ثم تلعنونهم ) وكتب عمر إلى الكوفة : لا تسموا أحدا باسم نبي ، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمد ، حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ذلك وسماهم به فتركهم .

                                                                                                                قال القاضي : والأشبه أن فعل عمر هذا إعظام لاسم النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهك الاسم كما سبق في الحديث ( تسمونهم محمدا ثم تلعنونهم ) . وقيل : سبب نهي عمر أنه سمع رجلا يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب : فعل الله بك يا محمد ، فدعاه عمر ، فقال : أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسب بك ، والله لا تدعى محمدا ما بقيت ، وسماه عبد الرحمن .




                                                                                                                الخدمات العلمية