الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الإجارة باب في كسب المعلم

                                                                      3416 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت قال علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت يا رسول الله رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله قال إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا حدثنا بقية حدثني بشر بن عبد الله بن يسار قال عمرو و حدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت نحو هذا الخبر والأول أتم فقلت ما ترى فيها يا رسول الله فقال جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها [ ص: 221 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 221 ] كتاب الإجارة

                                                                      بكسر الهمزة على المشهور وهي لغة اسم للأجرة ، وشرعا : عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم . قاله القسطلاني .

                                                                      ( الرؤاسي ) : بضم الراء بعدها همزة خفيفة ( عن عبادة بن نسي ) : بضم النون وفتح المهملة الخفيفة الكندي الشامي قاضي طبرية ثقة فاضل من الثالثة ( والكتاب ) : أي الكتابة كذا قيل ( قوسا ) : أي أعطانيها هدية وقد عد ابن الحاجب القوس في قصيدته مما لا بد من تأنيثه ( ليست بمال ) : أي لم يعهد في العرف عد القوس من الأجرة فأخذها لا يضر كذا في فتح الودود ( وليست بمال ) : أي عظيم .

                                                                      قال الطيبي : الجملة حال ولا يجوز أن يكون منهم قوسا لأنها نكرة صرفة ، فيكون حالا من فاعل أهدى أو من ضمير المتكلم ، يريد أن القوس لم يعهد في التعارف أن تعد من [ ص: 222 ] الأجرة أو ليست بمال أقتنيه للبيع بل هي عدة . كذا في المرقاة ( أن تطوق ) : بفتح الواو المشددة .

                                                                      قال الخطابي : اختلف قوم من العلماء في معنى هذا الحديث وتأويله ؛ فذهب بعضهم إلى ظاهره فرأوا أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن غير مباح وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق ابن راهويه ، وقال طائفة : لا بأس به ما لم يشترط ، وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي ، وأباح ذلك آخرون ، وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور ، واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهرا زوجتكها على ما معك من القرآن وتأولوا حديث عبادة على أنه كان تبرع به ، ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه ، وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة لرجل أو استخرج له متاعا قد غرق في بحر تبرعا وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضا ، ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزا . وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس ، فأخذ المال منهم مكروه ودفعه إليهم مستحب .

                                                                      وقال بعض العلماء : أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات ، فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه وإذا كان في حال أو في موضع لا يقوم به غيره لم تحل له الأجرة ، وعلى هذا يئول اختلاف الأخبار فيه انتهى .

                                                                      وقال في فتح الودود : قال السيوطي أخذ بظاهر هذا الحديث قوم وتأوله آخرون ، وقالوا هو معارض بحديث زوجتكها على ما معك من القرآن وحديث ابن عباس إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله .

                                                                      وقال البيهقي : رجال إسناد عبادة كلهم معروفون إلا الأسود بن ثعلبة فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث وهو حديث مختلف فيه على عبادة ، وحديث ابن عباس وأبي سعيد أصح إسنادا منه انتهى .

                                                                      قلت : المشهور عند المعارضة تقديم المحرم ، ولعلهم يقولون ذلك عند التساوي لكن كلام أبي داود يشير إلى دفع المعارضة بأن حديث ابن عباس وغيره في الطب ، وحديث [ ص: 223 ] عبادة في التعليم ، فيجوز أن يكون أخذ الأجرة جائزا في الطب دون التعليم وقيل هذا تهديد على فوت العزيمة والإخلاص ، وحديث ابن عباس لبيان الرخصة . انتهى ما في فتح الودود .

                                                                      وأخرج البيهقي في سننه عن أبي الدرداء مرفوعا من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة قال البيهقي : والحديث ضعيف .

                                                                      وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة مرفوعا من أخذ على القرآن أجرا فذاك حظه من القرآن قال المناوي : في إسناده كذاب .

                                                                      وفي سنن ابن ماجه . من حديث أبي بن كعب . وفي سنده أيضا ضعف .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه ، وفي إسناده المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة .

                                                                      وقال الإمام أحمد : ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير ، وكل حديث رفعه فهو منكر . وقال أبو زرعة الرازي لا يحتج بحديثه . ( جمرة ) : في القاموس : الجمرة النار المتقدة جمع جمر ( تقلدتها ) : على بناء الفاعل أو المفعول ، كذا في بعض الحواشي .

                                                                      قال المنذري : وفي هذه الطريق بقية بن الوليد وقد تكلم فيه غير واحد .




                                                                      الخدمات العلمية