الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              سورة النساء فيها إحدى وستون آية الآية الأولى قوله تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } المعنى : اتقوا الله أن تعصوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . ومن قرأ والأرحام فقد أكدها حتى قرنها بنفسه .

                                                                                                                                                                                                              وقد اتفقت الملة أن صلة ذوي الأرحام واجبة وأن قطيعتها محرمة ، وثبت { أن أسماء بنت أبي بكر قالت : إن أمي قدمت علي راغبة وهي مشركة أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك } . فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة ، فانتهى الحال بأبي حنيفة وأصحابه إلى أن يقولوا : إن ذوي الأرحام يتوارثون ، ويعتقون على من اشتراهم من ذوي رحمهم ، لحرمة الرحم وتأكيدا للبعضية ، وعضد ذلك بما رواه أبو هريرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ملك ذا رحم محرم فهو حر } . [ ص: 402 ]

                                                                                                                                                                                                              قال علماؤنا : وما بينهم من تعصبة وما يجب للرحم عليهم من صلة معلوم عقلا مؤكد شرعا ، لكن قضاء الميراث قد أحكمته السنة والشريعة ، وبينت أعيان الوارثين ، ولو كان لهم في الميراث حظ لفصل لهم ، أما الحكم بالعتق فقد نقضوه ، فإنهم لم يعلقوه بالرحم المطلقة حسبما قضى ظاهر القرآن ، وإنما أناطوه برحم المحرمية ; وذلك خروج عن ظاهر القرآن وتعلق بإشارة الحديث . وقد تكلمنا على ذلك في مسائل الخلاف بما نكتته أنه عموم خصصناه في الآباء والأولاد والإخوة على أحد القولين ، بدليل المعنى المقرر هنالك .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية