الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 165 ] [ ص: 166 ] [ ص: 167 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : ( سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ( 1 ) له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ( 2 ) )

يعني - تعالى ذكره - بقوله : ( سبح لله ما في السماوات والأرض ) أن كل ما دونه من خلقه يسبحه تعظيما له ، وإقرارا بربوبيته ، وإذعانا لطاعته ، كما قال - جل ثناؤه - ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) .

وقوله : ( وهو العزيز الحكيم ) يقول : ولكنه - جل جلاله - العزيز في انتقامه ممن عصاه ، فخالف أمره مما في السماوات والأرض من خلقه ( الحكيم ) في تدبيره أمرهم ، وتصريفه إياهم فيما شاء وأحب .

وقوله : ( له ملك السماوات والأرض ) يقول - تعالى ذكره - : له سلطان السماوات والأرض وما فيهن ولا شيء فيهن يقدر على الامتناع منه ، وهو في جميعهم نافذ الأمر ، ماضي الحكم .

وقوله : ( يحيي ويميت ) يقول : يحيي ما يشاء من الخلق ، بأن يوجده كيف يشاء ، وذلك بأن يحدث من النطفة الميتة حيوانا ، بنفخ الروح فيها من بعد تارات يقلبها فيها ، ونحو ذلك من الأشياء ، ويميت ما يشاء من الأحياء بعد الحياة بعد بلوغه أجله فيفنيه . ( وهو على كل شيء قدير ) يقول - جل ثناؤه - : وهو على كل شيء ذو قدرة ، لا يتعذر عليه شيء أراده من إحياء [ ص: 168 ] وإماتة ، وإعزاز وإذلال ، وغير ذلك من الأمور .

التالي السابق


الخدمات العلمية