الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 256 ] ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم منها رجع السلطان طغرل إلى طاعة أخيه محمود ، بعدما كان قد خرج عنها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، وأخذ بلاد أذربيجان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أقطع السلطان محمود مدينة واسط لآق سنقر مضافا إلى الموصل فسير إليها عماد الدين زنكي بن آق سنقر فوليها وأحسن السيرة بها ، وأبان عن حزم وكفاية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي صفر منها قتل وزير السلطان محمود أبو طالب السميرمي ، قتله باطني ، وكان قد برز للمسير إلى همذان ، وكانت قد خرجت زوجته في مائة جارية بمراكب الذهب ، فلما بلغهن قتله رجعن حافيات حاسرات قد هن بعد العز . واستوزر السلطان بعده شمس الملك عثمان بن نظام الملك

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها اتقع آق سنقر البرسقي ودبيس بن صدقة فهزمه دبيس ، وقتل خلقا من جيشه ، فاستوثق السلطان منصور بن صدقة أخا دبيس وولده ، ورفعهما إلى قلعة ، فعند ذلك آذى دبيس تلك الناحية ونهب البلاد ، وجز شعره ولبس السواد ، ونهب أموال الخليفة أيضا من البلاد ، فنودي في بغداد للخروج لقتاله ، [ ص: 257 ] وبرز الخليفة في الجيش وعليه قباء أسود وطرحة ، وعلى كتفيه البردة ، وبيده القضيب ، وفي وسطه منطقة حرير صيني ، ومعه وزيره نظام الدين أحمد بن نظام الملك ونقيب النقباء علي بن طراد الزينبي وشيخ الشيوخ صدر الدين بن إسماعيل ، وتلقاه آق سنقر البرسقي ومعه الجيش ، فقبلوا الأرض ورتب البرسقي الجيش ، ووقف القراء بين يدي الخليفة ، وأقبل دبيس وبين يديه الإماء يضربن بالدفوف ، والمخانيث بالملاهي ، والتقى الفريقان ، وقد شهر الخليفة سيفه ، وكبر واقترب من المعركة ، فحمل عنبر بن أبي العسكر على ميمنة الخليفة فكسرها ، وقتل أميرا ، ثم حمل مرة ثانية فكشفهم كالأولى فحمل عليه عماد الدين زنكي بن آق سنقر ، فأسر عنبر وأسر معه بديل بن زائدة فانهزم عسكر دبيس ، وألقوا أنفسهم في الماء ، فغرق كثير منهم ، فأمر الخليفة بضرب أعناق الأسارى صبرا بين يديه ، وحصلت نساء دبيس وسراريه في السبي ، وعاد الخليفة إلى بغداد فدخلها في يوم عاشوراء من السنة الآتية ، وكان يوما مشهودا ، وكانت غيبته ستة عشر يوما ، وأما دبيس فإنه نجا بنفسه وقصد غزية فصحبهم إلى البصرة فدخلها ونهبها وقتل أميرها ، ثم خاف من البرسقي فخرج عنها ، وسار إلى البرية والتحق بالفرنج وحضر معهم حصار ، حلب ، ثم فارقهم والتحق بالملك طغرل أخي السلطان محمود .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك السلطان حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق قلعة [ ص: 258 ] ماردين بعد وفاة أبيه ، وملك أخوه سليمان ميافارقين . وفيها ظهر معدن نحاس بديار بكر قريبا من قلعة ذي القرنين . وفيها دخل جماعة من الوعاظ بغداد فوعظوا بها ، وحصل لهم قبول تام من العوام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس نظر الخادم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية