الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 646 ] ثم دخلت سنة أربع وعشرين وأربعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها تفاقم الحال بأمر العيارين ، وتزايد أمرهم وأخذهم العملات ، وقوي أمر مقدمهم البرجمي ، وقتل صاحب الشرطة غيلة ، وتواترت النهبات في الليل والنهار ، واحتفظ الناس بدورهم وحرسوها حتى دار الخليفة وسور البلد ، وعظم الخطب بهم جدا ، وكان من شأن هذا البرجمي أنه لا يؤذي امرأة ، ولا يأخذ مما عليها شيئا ، وهذه مروءة في الظلم ، فيقال له كما قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حنانيك بعض الشر أهون من بعض

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أخذ جلال الدولة البصرة وأرسل إليها ولده العزيز ، فأقام بها الخطبة لأبيه ، وقطعت منها خطبة أبي كاليجار في هذه السنة والتي بعدها ، ثم استرجعت من يد جلال الدولة ، وأخرج منها ولده ، ورجعت الخطبة لأبي كاليجار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة ثارت الأتراك بالملك جلال الدولة ; لتأخر أرزاقهم ، وأخرجوه من داره ، ورسموا عليه في مسجده ، وأخرجت حريمه ، فذهب [ ص: 647 ] في الليل إلى دار الشريف المرتضى فنزل بها ، ثم اصطلحت الأتراك عليه ، وحلفوا له على السمع والطاعة ، ورجع إلى داره ، وكثرت العيارون ببغداد ، واستطالوا على الناس ليلا ونهارا وسرا وجهارا ، ولم يحج أحد من أهل العراق وخراسان هذه السنة ; لفساد البلاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية