الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 446 ] ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها أمر القادر بالله بعمارة مسجد الحربية وكسوته
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، وأن يجرى مجرى الجوامع في الخطب وغيرها ، وذلك بعد أن استفتى العلماء في جواز ذلك ، فلما أفتوه به فعله ، وأمر به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الخطيب البغدادي : أدركت الجمعة تقام ببغداد في مسجد المدينة ومسجد الرصافة ، ومسجد دار الخلافة ، ومسجد براثا ، ومسجد قطيعة أم جعفر ، ومسجد الحربية ، قال : ولم يزل الأمر على هذا إلى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، فتعطلت في مسجد براثا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي جمادى الأولى فرغ من الجسر الذي بناه بهاء الدولة في مشرعة القطانين ، واجتاز عليه هو بنفسه ، وقد زين المكان واحتفل به . وفي جمادى الآخرة شغبت الديالم والأتراك لتأخر العطاء عنهم ، وغلاء الأسعار وراسلوا بهاء الدولة ، فأزيحت أعذارهم وعللهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الخميس الثاني من ذي الحجة من هذه السنة تزوج الخليفة سكينة بنت بهاء الدولة ، على صداق مائة ألف دينار ، وكان وكيل أبيها الشريف [ ص: 447 ] أبو أحمد الموسوي ، وقد توفيت هذه المرأة قبل دخول الخليفة بها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة ابتاع الوزير أبو نصر سابور بن أزدشير دارا بالكرخ ، وجدد عمارتها وبيضها ، ونقل إليها كتبا كثيرة ، ووقفها على الفقهاء ، وسماها دار العلم ، وأظن أن هذه أول مدرسة وقفت على الفقهاء ، والله أعلم . وارتفعت الأسعار في أواخر هذه السنة جدا ، وضاق الحال ، وجاع العيال .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية