الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 18 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : لليلة بقيت من المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس ، فأضاءت الدنيا منه ، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي صفر بلغ الخليفة المقتدر بالله أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد براثا ، فينالون من الصحابة ، ولا يصلون الجمعة ، ويكاتبون القرامطة ، ويدعون إلى ولاية محمد بن إسماعيل الذي ظهر بين الكوفة وبغداد ، ويدعون أنه المهدي ، ويتبرءون من المقتدر وممن يتبعه ، فأمر بالاحتياط عليهم ، واستفتى العلماء في المسجد المذكور ، فأفتوا بأنه مسجد ضرار يهدم كما هدم مسجد الضرار ، فضرب من قدر عليه منهم الضرب المبرح ، ونودي عليهم ، وأمر الخليفة بهدم المسجد المذكور ، فهدمه نازوك وأمر الوزير الخاقاني ، فجعل مكانه مقبرة ، فدفن فيه جماعة من الموتى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وخرج الناس للحج في ذي القعدة ، فاعترضهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد [ ص: 19 ] الجنابي القرمطي - لعنهما الله - فرجع أكثر الناس إلى بلدانهم ، ولم يمكنهم الحج عامهم هذا ، ويقال : إن بعضهم سأل منه الأمان ليذهبوا فأمنهم . وقد قاتله جند الخليفة ، فلم يفد ذلك فيه شيئا ; لتمرده وشدة بأس من معه ، وانزعج أهل بغداد من ذلك وترحل أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي خوفا من القرامطة ، ودخل القرمطي إلى الكوفة فأقام بها ستة أيام يأخذ من أموالها ما يحتاج إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : وكثر الرطب في هذه السنة ببغداد ، حتى بيع كل ثمانية أرطال بحبة ، وعمل منه تمر وحمل إلى البصرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعزل المقتدر وزيره الخاقاني عن الوزارة بعد سنة وستة أشهر ويومين ، وولي مكانه أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب الخصيبي ; لأجل مال بذله من جهة زوجة المحسن بن الفرات ، وكان ذلك المال سبعمائة ألف دينار ، فأقر الخصيبي علي بن عيسى على الإشراف على ديار مصر وبلاد الشام وهو مقيم بمكة يسير إليها في بعض الأوقات ، فيعمل ما ينبغي عمله ، ثم يرجع إلى مكة ، شرفها الله سبحانه وتعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية