الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    مقدمة مفيدة

                                                                                                                                                                                                    قال أبو بكر بن الأنباري : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن حجاج بن منهال ، عن همام ، عن قتادة قال : نزل في المدينة من القرآن البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنفال ، وبراءة ، والرعد ، والنحل ، والحج ، والنور ، والأحزاب ، ومحمد ، والفتح ، والحجرات ، والحديد ، والرحمن ، والمجادلة ، والحشر ، والممتحنة ، والصف ، والمنافقون ، والتغابن ، والطلاق ، ويا أيها النبي لم تحرم ، وإلى رأس العشر ، وإذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله . هؤلاء السور نزلت بالمدينة ، وسائر القرآن نزل بمكة .

                                                                                                                                                                                                    فأما عدد آيات القرآن فستة آلاف آية ، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال ، فمنهم من لم يزد على ذلك ، ومنهم من قال : ومائتا آية وأربع آيات ، وقيل : وأربع عشرة آية ، وقيل : ومائتان وتسع عشرة ، وقيل : ومائتان وخمس وعشرون آية ، وست وعشرون آية ، وقيل : ومائتا آية ، وست وثلاثون آية . حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتاب البيان .

                                                                                                                                                                                                    وأما كلماته ، فقال الفضل بن شاذان ، عن عطاء بن يسار : سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة .

                                                                                                                                                                                                    وأما حروفه ، فقال عبد الله بن كثير ، عن مجاهد : هذا ما أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف [ ص: 99 ] حرف وواحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا .

                                                                                                                                                                                                    وقال الفضل ، عن عطاء بن يسار : ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا .

                                                                                                                                                                                                    وقال سلام أبو محمد الحماني : إن الحجاج جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال : أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو ؟ قال : فحسبناه ، فأجمعوا أنه ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألفا وسبعمائة وأربعون حرفا . قال : فأخبروني عن نصفه . فإذا هو إلى الفاء من قوله في الكهف : ( وليتلطف ) [ الكهف : 19 ] ، وثلثه الأول عند رأس مائة آية من " براءة " ، والثاني على رأس مائة أو إحدى ومائة من الشعراء ، والثالث إلى آخره . وسبعه الأول إلى الدال من قوله : ( فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه ) [ النساء : 55 ] . والسبع الثاني إلى الباء من قوله في الأعراف : ( حبطت ) [ الأعراف : 147 ] ، والثالث إلى الألف الثانية من : ( أكلها ) في الرعد [ الرعد : 35 ] ، والرابع إلى الألف من قوله في الحج : ( جعلنا منسكا ) [ الحج : 67 ] ، والخامس إلى الهاء من قوله في الأحزاب : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) [ الأحزاب : 36 ] ، والسادس إلى الواو من قوله في الفتح : ( الظانين بالله ظن السوء ) [ الفتح : 6 ] ، والسابع إلى آخر القرآن . قال سلام أبو محمد : عملنا ذلك في أربعة أشهر .

                                                                                                                                                                                                    قالوا : وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن ، فالأول إلى آخر الأنعام ، والثاني إلى ( وليتلطف ) [ الكهف : 19 ] ، والثالث إلى آخر الزمر ، والرابع إلى آخر القرآن . وقد ذكر الشيخ أبو عمرو الداني في كتابه " البيان " خلافا في هذا كله ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                    وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات في المدارس وغيرها ، وقد ذكرنا فيما تقدم الحديث الوارد في تحزيب الصحابة للقرآن ، والحديث في مسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته : كيف يحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة ، وحزب المفصل من قاف حتى يختم .

                                                                                                                                                                                                    قال القرطبي : أجمعوا أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية ؟ وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح ، ولوط ، واختلفوا : هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية ؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا : ما وقع فيه ما يوافق الأعجمية فهو من باب ما توافقت فيه اللغات .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية