الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6413 - حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال : حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، وأبي النضر ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته ، يأتيه الأمر من أمري ، مما قد أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه .

                                                        فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلاف أمره ، كما حذر من خلاف كتاب الله عز وجل ، فليحذر أن يخالف شيئا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيحق عليه ، ما يحق على مخالف كتاب الله .

                                                        [ ص: 210 ] وقد تواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن لحوم الحمر الأهلية ، بما قد ذكرنا ، ورجعت معانيها إلى ما وصفنا .

                                                        فليس ينبغي لأحد خلاف شيء من ذلك .

                                                        فإن قال قائل : فقد رويتم عن ابن عباس رضي الله عنهما إباحتها ، وما احتج به في ذلك من قول الله عز وجل : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية .

                                                        قيل له : ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فهو أولى مما قال ابن عباس رضي الله عنهما .

                                                        وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فهو مستثنى من الآية ، على هذا ينبغي أن يحمل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا المجيء المتواتر في الشيء المقصود إليه بعينه ، مما قد أنزل الله عز وجل في كتابه آية مطلقة على ذلك الجنس ، فيجعل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك مستثنى من تلك الآية ، غير مخالف لها ، حتى لا يضاد القرآن السنة ، ولا السنة القرآن .

                                                        فهذا حكم لحوم الحمر الأهلية ، من طريق تصحيح معاني الآثار .

                                                        قال أبو جعفر : ولو كان إلى النظر ، لكان لحوم الحمر الأهلية حلالا ، وكان ذلك كلحم الحمر الوحشية ، لأن كل صنف قد حرم ، إذا كان أهليا ، مما قد أجمع على تحريمه ، فقد حرم إذا كان وحشيا .

                                                        ألا ترى أن لحم الخنزير الوحشي كلحم الخنزير الأهلي ، فكان النظر على ذلك أيضا ، إذا كان الحمار الوحشي لحمه أن يكون حلالا ، أن يكون كذلك الحمار الأهلي .

                                                        ولكن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ما اتبع ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية