الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6161 ص: فإن قال قائل : نريد أن توجدنا ما ذكرت في الأب منصوصا عليه عن النبي -عليه السلام - .

                                                [ ص: 520 ] قلت : حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن عياش بن عباس القتباني ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما - : " أن رسول الله -عليه السلام - قال لرجل : أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله -عز وجل - لهذه الأمة ، فقال الرجل : أفرأيت إن لم أجد إلا منيحة ابني ، أفأضحي بها ؟ قال : لا ، ولكن تأخذ من شعرك ومن أظفارك ، وتقص من شاربك وتحلق عانتك ، فذلك تمام أضحيتك عند الله " .

                                                التالي السابق


                                                ش: أن توجدنا : أي أن توجد لنا ما ذكرت من قولك : إن مال الابن لا يجوز للأب تملكه إلا عند الحاجة ; منصوصا عليه من النبي -عليه السلام - فقال : حدثنا يونس . . . . إلى آخره ، وأراد به أنه جاء منصوصا من النبي -عليه السلام - أن الأب ليس له أن يتملك مال ابنه إلا عند الحاجة .

                                                وأخرجه بإسناد مصري صحيح ، عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن سعيد بن أبي أيوب مقلاص الخزاعي المصري ، عن عياش -بالياء آخر الحروف المشددة - بن عباس -بالباء الموحدة والسين المهملة - القتباني -بكسر القاف وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون ، نسبة إلى قتبان من رعين .

                                                روي عن عيسى بن هلال الصدفي المصري ، وثقه ابن حبان ، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي .

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا هارون بن عبد الله ، قال : ثنا عبد الله بن يزيد ، قال : حدثني سعيد بن أبي أيوب ، قال : حدثني عياش بن عباس القتباني ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله -عليه السلام - قال : "أمرت بيوم الأضحى عيدا . . . . " إلى آخره نحوه .

                                                [ ص: 521 ] وأخرجه النسائي : عن يونس بن عبد الأعلى أيضا .

                                                وقد اشترك الطحاوي مع النسائي في تخريج هذا الحديث عن شيخ واحد .

                                                قوله : "إلا منيحة ابني " وهي الناقة التي يعطيها صاحبها لآخر ينتفع بلبنها ويعيدها ، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها ، وفيه دلالة على أن الأب لا يملك مال ابنه ، وأن قوله -عليه السلام - : "أنت ومالك لأبيك " ليس للتمليك في جميع مال الابن وإنما هو في الأكل والشرب منه بمقدار حاجته عند احتياجه إليه ، وفيه الحض على الأضحية ، حتى احتج به بعضهم على وجوبها ، وفيه استحباب حلق الرأس وقص الأظفار والشارب وحلق العانة يوم عيد الأضحية ، وعن هذا قال بعضهم : من أراد أن يضحي ينبغي أن لا يمس من شعره ولا من أظفاره شيئا إلا يوم العيد ، وكان ابن سيرين يكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرجل من شعره حتى يكره أن يحلق الصبيان في العشر ، وهو قول الشافعي وأبي ثور وإسحاق وأبي سليمان ، وإليه ذهب الأوزاعي وأهل الظاهر ، وخالفهم في ذلك مالك وأبو حنيفة ، وقد مر الكلام فيه مستوفى في كتاب الأضاحي .




                                                الخدمات العلمية