الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
935 [ 497 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مسلم وسعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس; أن رجلا سأله فقال أؤاجر نفسي من هؤلاء القوم لأنسك معهم المناسك ألي أجر؟

فقال ابن عباس: نعم أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب .


التالي السابق


الشرح

إبراهيم بن يزيد: هو أبو إسماعيل الخوزي، قال الإمام البخاري: مكي سكتوا عنه، يروي عن: محمد بن عباد بن جعفر، وعمرو بن دينار .

وطارق بن عبد الرحمن ليس في تاريخ البخاري بهذه الترجمة [ ص: 216 ] إلا رجل واحد وهو طارق بن عبد الرحمن بن القاسم، وذكر أنه قرشي.

روى عنه: عكرمة بن عمار .

وعبد الله بن أبي أوفى علقمة بن الحارث بن رفاعة بن ثعلبة، من أصحاب الشجرة أبو إبراهيم أو أبو معاوية أو أبو محمد.

روى عنه: أبو إسحاق الشيباني، وعمرو بن مرة، وطلحة بن مصرف، وغيرهم. مات سنة سبع وثمانين بالكوفة، ويقال أنه آخر من مات بها من الصحابة .

وحديث ابن عمر أخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن مروان بن معاوية، وعن علي بن محمد عن وكيع، بروايتهما عن إبراهيم بن يزيد.

ويقال: رجل شعث وأشعث وشعر شعث وامرأة شعثة وشعثاء، والشعث: تلبد الشعر المغبر، والتفل: الكريه الرائحة، ومنه قوله: [ ص: 217 ] "فليخرجن تفلات" أي: غير متطيبات، والعج: رفع الصوت، يقال: عج الرعد عجيجا إذا صوت، والمقصود رفع الصوت بالتلبية، والثج: الصب والمقصود نحر البدن وإراقة دمائها.

وقوله: "ما الحاج" أي: ما نعته وما صفته أو من أفضل الحجيج، وكذا قوله: أي الحج أفضل ... إلى آخره فيه إضمار: إما في السؤال بأن يقال: أي أعمال الحج وخصاله أفضل، وإما في الجواب بأن يقال: المعنى الحج الذي فيه العج والثج.

وقوله: "ما السبيل" يريد السبيل المذكور في قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وأورد الشافعي الحديث في بيان أنه لا يجب الحج ماشيا، فقال في الأم : لا أحب ترك المشي إلى الحج لمن قدر عليه، ولا [يبين] لي أن أوجبه; لأني لا أحفظ عن أحد من المفتين أنه أوجبه، وقد روي أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على أنه لا يجب المشي إلى الحج غير أن منها منقطعة، ومنها ما يمتنع أهل الحديث من إثباته.

قال الأئمة: أشار بما لا يثبته أهل الحديث إلى حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي فإنهم ضعفوه، وقصد بالمنقطع نحو ما ذكر أنه روي عن شريك بن أبي نمر عمن سمع أنس بن مالك يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: السبيل: الزاد والراحلة. وروى أبو داود في المراسيل عن أحمد بن حنبل عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه قال: لما نزلت الآية [ ص: 218 ] قيل: يا رسول الله ما السبيل؟

قال: الزاد والراحلة.


ثم ما ذكرنا أنه لا يجب المشي إلى الحج أردنا في حق البعيد عن البيت; فأما من بينه وبين مكة ما دون مسافة القصر فيلزمه المشي إذا أطاق، وكما لا يجب المشي على البعيد وإن قدر عليه فلا يجب الاستقراض للحج وإن تمكن الشخص منه; لأنه قد لا ييسر له الرد، والأثر عن ابن أبي أوفى يدل عليه، ومن حج وهو يخدم غيره بإجارة جرت بينهما وهو ينفق من الأجرة أو كان المستأجر ينفق عليه أو كان يخدم من غير إجارة; فلا بأس ويجزئه حجه، وهذا كما أنه لا بأس بالتجارة في الحج، ويقال أن قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم نزل في التجارة في الحج، وفي سنن أبي داود عن أبي أمامة التيمي قال: كنت رجلا أكري في هذا الوجه -يعني نفسي أو ظهري- وكان ناس يقولون: إنه ليس لك حج، فلقيت ابن عمر رضي الله عنه فذكرت ذلك له فقال: ألست تحرم وتلبي وتطوف بالبيت، وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قلت: بلى.

قال: فلك حج، جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن مثل ما سألتني عنه فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأ هذه الآية عليه وقال: لك حج.


[ ص: 219 ] الأصل




الخدمات العلمية