الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
189 الأصل

[ 202 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد [ ص: 406 ] بني عمرو بن عوف فكان يصلي، ودخلت عليه رجال من الأنصار يسلمون عليه، فسألت صهيبا: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم؟

قال: كان يشير إليهم.


التالي السابق


الشرح

صهيب: هو ابن سنان بن مالك بن عبد عمرو من كبار الصحابة، سبته الروم وهو صغير من الموصل فنسب إليها وهو عربي النسب، أعتقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكناه أبا يحيى.

وروى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيره.

وتوفي بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في خلافة علي رضي الله عنهما، ودفن بالبقيع.

وروى الحديث مختصرا أبو داود عن قتيبة عن الليث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نابل صاحب العباء عن ابن عمر عن صهيب، ويروى معنى الحديث ومقصوده عن نافع عن ابن عمر عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: قلت لبلال: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه في مسجد بني عمرو بن عوف؟

قال: كان يرد إشارة
قال أبو عيسى: وكلا الحديثين عندي صحيح، ويحتمل أن يكون ابن عمر سمع منهما جميعا وروى تارة عن هذا وأخرى عن هذا، والحديث يدخل في رواية الصحابي عن الصحابي [ ص: 407 ]

وفي الباب عن أبي هريرة، وأنس، وعائشة - رضي الله عنهم -.

ومسجد بني عمرو بن عوف هو مسجد قباء وعليهم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولا حين هاجر إلى المدينة، وكان يأتي مسجدهم ويزورهم.

ومن فوائد الحديث: من أتى مسجدا ينبغي أن يصلي فيه، وأنه لا بأس برد المصلي السلام بالإشارة، ولا يجوز رد السلام لفظا على وجه المخاطبة، وكان ذلك جائزا في ابتداء الأمر ثم منعوا من الكلام ورد السلام، وذكر أبو سليمان الخطابي وغيره من الأصحاب أنه يسن الرد بعد الفراغ من الصلاة، ويحسن الرد في الصلاة بالإشارة، وأطلق مطلقون القول بأنه لا يسن السلام على المصلي، وهو إن كان بهذه المثابة فلا يكاد يبلغ حد الكراهية؛ لأن سياق الحديث يشعر بأنهم كانوا يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - عالمين بأنه في الصلاة، فلو كان السلام على المصلي مكروها لأشبه أن يمنعهم منه ويرشدهم إلى خلافه، وروي في كيفية إشارته برد السلام هيئتان: إحداهما في حديث صهيب أنه أشار بإصبعه، والثانية في حديث بلال أنه بسط كفه وجعل ظهرها إلى فوق.




الخدمات العلمية