الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              33 - باب: إن قارون كان من قوم موسى الآية [القصص: 76]

                                                                                                                                                                                                                              لتنوء [القصص: 76]: لتثقل. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أولي القوة [القصص: 76] لا يرفعها العصبة من الرجال، يقال: الفرحين [القصص: 76]: المرحين ويكأن الله [القصص: 82] مثل: أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر [الروم: 37] يوسع عليه ويضيق. [فتح: 6 \ 448]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              معنى كان من قومه: ابن عمه، كما سلف قريبا بحكاية خسف الأرض به، وقد صرح به النخعي.

                                                                                                                                                                                                                              واسم أبيه صافر بن قاهث بن يصهر بن عازر بن لاوي بن يعقوب. وكان سكنه تنيس، وما والاها من أسفل الأرض. ولما سكن عبد العزيز بن الجروي تنيس عثر على بعض ماله، فحصل منه ما لا يعلمه إلا الله تعالى بحيث إنه لما توفي تورع ابنه الحسن شيخ البخاري عن أخذ إرثه منه; لأنه لم يستطبه، فقال أخوه علي لما ملك تنيس: يا أخي إني قد استطبت لك من مال أبيك مائة ألف دينار فخذها، فقال: أنا تركت الكثير من ماله، فكيف آخذ القليل؟ ذكره صاحب "تاريخها".

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى ( فبغى عليهم ) تجاوز في معاندة موسى والتكذيب به.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( ما إن مفاتحه ) قال خيثمة: كانت من جلود -أي الإبل، كما قاله مجاهد- وكل مفتاح فيها على قدر الإصبع يحملها ستون بغلا [ ص: 493 ] إذا ركب.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن صالح: أربعون بغلا. وقال الضحاك: أربعون رجلا.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عيينة: العصبة أربعون. وقال مجاهد: من العشرة إلى خمسة عشر.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن فارس: العصبة من الرجال نحو العشرة. وقيل: هم من العشرة إلى الأربعين. وقوله: ( لتنوء بالعصبة ) تأويله: إن العصبة لتنوء بها أي: تثقل، قاله أبو عبيدة، وغلط فيه وصحح قول ابن زيد أنه يقال: ناوأت بالحمل إذا نهضت به على ثقل.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( الفرحين : المرحين) أي: البطرين الذين لا يشكرون الله فيما أولاهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قيل: العمل بطاعة الله.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: أمسك القوت وقدم ما فضل. وقال قتادة: ابتغ الحلال.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: ولا تنس شكر نصيبك.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: على علم عندي ) قيل: كان من قراء بني إسرائيل التوراة، [ ص: 494 ] والمعنى: إنما أوتيته على علم فيها. ومن قال: هي الكيمياء فباطل. وكذا من قال: كان يوقف الرصاص.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: على علم بالوجوه التي تكتسب بها الأموال. وقال أبو زيد: لولا رضاه عني ومعرفته بي ما أعطاني هذا وهذا.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( فخرج على قومه في زينته ) قال قتادة: خرجوا على أربعة آلاف دابة، عليها ثياب حمر، منها ألف بغل بيض، عليها قطف حمر.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: خرج هو وأصحابه على أربعمائة بغلة شهباء عليها سروج الأرجوان، وعلى الرجال ثياب حمر.

                                                                                                                                                                                                                              وقال مجاهد: خرجوا على براذن بيض عليها سروج أرجوان، وعليهم المعصفر. وقال: إنما أوتيته على علم عندي وما قال كقول سليمان: هذا من فضل ربي [النمل: 40].

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( ويكأن الله مثل ألم تر أن الله هو قول المفسرين. قال قتادة: معناها أولا يعلم؟ وكتبت في المصحف متصلة، كأنه لما كثر استعمالها جعلوها مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال سيبويه: سألت الخليل عنها وعن ويكأنه لا يفلح الكافرون [القصص: 82] فزعم أنها وي مفصولة كأن.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الكسائي: وهي هنا صلة، وفيه معنى التعجب.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: (ويك) بمعنى ويلك، و(أن): منصوبة بإضمار اعلم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 495 ] وأنكر هذا بأنه لم يخاطب في التلاوة أحدا.

                                                                                                                                                                                                                              وقال قطرب: (وي) كلمة تفجع، و(كأن) حرف تشبيه. وذكر الهروي عن الخليل: (ويك) كلمة و(أن) كلمة. وقال الفراء: سقط ابن الأعرابي في ركية فسأل عنه أعرابيا فقال: ويكأنه ما أخطأ الركية. فجعلها كلمة موصولة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 496 ]



                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية