الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
185- قوله تعالى: شهر رمضان استدل به من كره أن يقال رمضان، قوله تعالى: الذي أنـزل فيه القرآن

يستدل به مع قوله: إنا أنـزلناه في ليلة القدر على أن ليلة القدر في رمضان ليست في غيره خلافا لمن زعم أنها ليلة النصف من شعبان.

قوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه استدل به من قال من الأصوليين بوجوب الصوم على المسافر والمريض والحائض; لأنهم شهدوا الشهر. واستدل به من قال: لا قضاء على من مر عليه رمضان وهو مجنون بناء على أن شهد بمعنى: علم. واستدل به من قال: لا يقضي ، وفسر: شهد بمعنى: أدرك ، قلت: واستدل به أبو حنيفة على أن من شهد بعض الشهر لزمه صوم كله وإن سافر لم يبح له الفطر ، ووجهه أنه لا يمكن أن يراد به شهود جميع الشهر; لأنه لا يكون شاهدا لجمعية إلا بعد مضيه كله ويستحيل أن يكون مضيه كلية شرطا للزوم صومه كله; لأن الماضي من الوقت يستحيل إيقاع الصوم فيه فعلم أنه لم ير شهود جمعية فالتقدير من شهد منكم بعض الشهر فليصم ما لم يشهد منه. وقد أخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر في قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال: من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم; لأن الله تعالى يقول: فمن شهد منكم الشهر فليصمه وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم; لأن الله تعالى يقول: فمن شهد منكم الشهر فليصمه وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال: هو إهلاله بالدار واستدل بالآية على إجزاء صوم الأسير إذا صام بالاجتهاد ووافق رمضان خلافا للحسن بن صالح وعدمه إذا صادف ما قبله وعلى أن رأى الهلال وحده لزمه الصوم بنفسه خلافا لمن قال لا [ ص: 41 ] يلزمه إلا بحكم الإمام.

قوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر هذا أصل لقاعدة عظيمة يبنى عليها فروع كثيرة وهي أن المشقة تجلب التيسير وهي إحدى القواعد الخمس التي يبنى عليها الفقه وتحتها من القواعد قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وقاعدة إذا ضاق الأمر اتسع ومن الفروع ما لا يحصى كثرة والآية أصل في جميع ذلك ، وقد يستدل بالآية على أحد الأقوال في مسألة تعارض المذاهب والروايات والاحتمالات هل يؤخذ بالأخف أو بالأقوى أو بأيهما شاء.

قوله تعالى: ولتكملوا العدة فيه دليل على اعتبار العدد إذا لم يكن يرى الهلال ، ولا يرجع فيه لقول الحساب والمنجمين ، واستدل به أبو حنيفة على أن من صام تسعة وعشرين رؤية بلده وقد صام أهل بلده أخرى ثلاثين أنه يلزم أولئك قضاء يوم; لأنه ثبت برؤية تلك البلدة أن العدة ثلاثون فوجب على هؤلاء إكمالها.

قوله تعالى: ولتكبروا الله فيه مشروعية التكبير لعيد الفطر وأن وقته من إكمال العدة وهو غروب شمس آخر يوم. أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: حقا على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفزعوا من عيدهم; لأن الله تعالى يقول: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله قال ابن الفرس: والآية حجة على من ذكر أثناء التكبير تهليلا وتسبيحا وحجة لمن لا يرى إلا التكبير.

التالي السابق


الخدمات العلمية