الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم عطف على هذا المقدر - الذي دل عليه الكلام - ما أنتجه تسلط الشيطان عليهم؛ فقال (تعالى): وإذا بدلنا ؛ أي: بعظمتنا؛ بالنسخ؛ آية ؛ سهلة؛ كالعدة بأربعة أشهر وعشر؛ وقتال الواحد من المسلمين لاثنين من الكفار؛ أو شاقة كتحريم الخمر؛ وإيجاب صلوات خمس؛ فجعلناها؛ [ ص: 254 ] مكان آية ؛ شاقة؛ كالعدة بحول؛ ومصابرة عشرة من الكفار؛ أو سهلة؛ كالآيات المتضمنة لإباحة الخمر؛ وإيجاب ركعتين أول النهار؛ وركعتين آخره؛ فكانت الثانية مكان الأولى؛ وبدلا منها؛ أو يكون المعنى: نسخنا آية صعبة فجعلنا مكانها آية سهلة; والتبديل: رفع الشيء؛ مع وضع غيره مكانه؛ والله ؛ أي: الذي له الإحاطة الشاملة؛ أعلم بما ينـزل ؛ من المصالح؛ بحسب الأوقات؛ والأحوال؛ بنسخ؛ أو بغيره؛ قالوا ؛ أي: الكفار؛ إنما أنت ؛ أي: يا محمد؛ مفتر ؛ أي: فإنك تأمر اليوم بشيء؛ وغدا تنهى عنه وتأمر بضده؛ وليس الأمر كما قالوا؛ بل أكثرهم ؛ وهم الذين يستمرون على الكفر؛ لا يعلمون ؛ أي: لا يتجدد لهم علم؛ بل هم في عداد البهائم؛ لعدم انتفاعهم بما وهبهم الله من العقول؛ لانهماكهم في اتباع الشيطان؛ حتى زلت أقدامهم في هذا الأمر الواضح بعد إقامة البرهان بالإعجاز؛ على أن كل ما كان معجزا كان من عند الله؛ سواء كان ناسخا؛ أو منسوخا؛ أو لا؛ فصارت معرفة أن هذا قرآن؛ وهذا غير قرآن؛ بعرضه على هذا البرهان؛ من أوضح الأمور وأسهلها تناولا؛ لمن أراد ذلك منهم؛ أو من غيرهم؛ من فرسان البلاغة؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية