الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فيه إخبار أنهم كانوا جاهلين عند وقوع الفعل منهم وأنهم لم يكونوا جاهلين في هذا الوقت ، فمن الناس من يستدل بذلك على أنهم فعلوا ذلك قبل البلوغ ؛ لأنهم لو فعلوه بعد البلوغ مع أنهم لم تظهر منهم توبة لكانوا جاهلين في الحال ، وإنما أراد جهالة الصبا لا جهالة المعاصي . وقول يوسف : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم يدل على أنهم فعلوه بعد البلوغ وأن ذلك كان ذنبا منهم يجب عليهم الاستغفار منه وظاهر الكلام يدل على أنهم تابوا بقولهم : لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ويدل عليه قولهم : يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ولا يقول مثله من فعل شيئا في حال الصغر قبل أن يجري عليه القلم . وقوله : يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنما جاز لهم مسألة الاستغفار مع حصول التوبة لأجل المظلمة المعلقة بعفو المظلوم وسؤال ربه أن لا يأخذه بما عامله ، ويجوز أن يكون إنما سأله أن يبلغه بدعائه منزلة من لم يكن في جناية . قوله تعالى : سوف أستغفر لكم ربي روي عن ابن مسعود وإبراهيم التيمي وابن جريج وعمرو بن قيس : " أنه أخر الاستغفار لهم إلى السحر ؛ لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء " . وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 395 ] أنه أخر ذلك إلى ليلة الجمعة . وقيل : إنما سألوه أن يستغفر لهم دائما في دعائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية