الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، قال : ثنا هناد بن السري ، قال : ثنا المحاربي عن عبد الملك بن عمير ، قال : قيل للربيع بن خيثم : ألا ندعو لك طبيبا ؟ قال : أنظروني ، فتفكر ثم قال : ( وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ) ، قال : فذكر حرصهم على الدنيا ورغبتهم وما كانوا ، وقال : قد كانت فيهم أطباء وكان فيهم مرضى فلا أرى المداوي بقي ولا أرى المداوى ، وأهلك الناعت والمنعوت ، لا حاجة لي فيه .

              ورواه نسير بن ذعلوق ، عن بكر بن ماعز ، عن الربيع نحوه .

              حدثنا أبي ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : ثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، قال : ثنا يزيد بن عطاء ، عن علقمة بن مرثد ، قال : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فأما الربيع بن خيثم فقيل له حين أصابه الفالج : لو تداويت ، فقال : لقد علمت أن الدواء حق ، ولكن ذكرت عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء ، فلا المداوي [ ص: 107 ] بقي ولا المداوى ، فقيل له : ألا تذكر الناس ؟ قال :ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس ، إن الناس خافوا الله تعالى في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم ، وقيل له : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا ، وكان ابن مسعود إذا رآه قال : وبشر المخبتين ، أما إن محمدا صلى الله عليه وسلم لو رآك لأحبك ، وكان الربيع يقول : أما بعد ، فأعد زادك ، وخذ في جهادك ، وكن وصي نفسك .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا هناد ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن منذر الثوري ، عن الربيع بن خيثم ، أنه قال لأهله : اصنعوا لنا خبيصا ، فصنعوا له فدعا رجلا به خبل فجعل يلقمه ولعابه يسيل ، فلما ذهب قال أهله : تكلفنا وصنعنا ، ما يدري هذا ما أكل ، فقال الربيع : لكن الله .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا خلاد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال : أخبرتني سرية الربيع بن خيثم ، قالت : كان عمل الربيع كله سرا ، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه .

              رواه الأعمش ، عن سفيان مثله .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا محمد بن أبي سهل ، قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الربيع بن خيثم ، قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله تعالى يضمحل .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ، قال : ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثني أبي وعمي ، قالا : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن عمه ، عن الشعبي وذكر أصحاب عبد الله ، فقال : أما الربيع فأورعهم ورعا .

              حدثنا محمد بن أحمد ، قال : ثنا محمد بن عثمان ، قال : ثنا عبيد بن يعيش ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، قال : ثنا مالك بن مغول ، قال : قال الشعبي : أصفهم لك - يعني أصحاب عبد الله - كأنك شهدتهم ، كان الربيع بن خيثم أشدهم ورعا .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن محمد بن حنبل ، قال : ثنا هناد بن السري ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن منذر الثوري [ ص: 108 ] قال : قال الربيع : سورة يراها الناس قصيرة وأنا أراها طويلة عظيمة ، لله تعالى منحنا ليس لها خليط ، فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئا استقلالا ، وليعلم أنها مجزئة ، يعني سورة الإخلاص .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا أبو العباس السراج ، قال : ثنا هناد بن السري ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سعيد ، يعني : ابن مسروق ، عن منذر الثوري ، قال : كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله ، قال : اتق الله فيما علمت ، وما استؤثر عليك فكله إلى عالمه ، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ ، وما خيرتكم اليوم بخير ، ولكنه خير من آخر شر منه ، وما تتبعون الخير حق اتباعه ، وما تفرون من الناس حق فراره ، ولا كل ما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم ، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو ، ثم يقول : السرائر السرائر اللاتي تخفون من الناس وهن لله تعالى بواد ، التمسوا دواءهن ، ثم يقول : وما دواؤهن إلا أن تتوب ثم لا تعود .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، قال : ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، قال أبو أسامة : قال :ثنا سفيان ، عن أبيه ، عن بكر بن ماعز : قال : قال الربيع بن خيثم : يا بكر بن ماعز أخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك ، فإني اتهمت الناس على ديني ، أطع الله فيما علمت ، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه ، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ ، فذكر مثل حديث الأحوص .

              رواه إسرائيل عن سعيد بن مسروق ، عن منذر مثله .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، قال : حدثني النضر بن إسماعيل ، قال : ثنا عبد الملك بن الأصبهاني ، عن جدته ، عن الربيع بن خيثم ، أنه قال لأصحابه : تدرون ما الداء والدواء والشفاء ؟ قالوا : لا ، قال : الداء الذنوب ، والدواء الاستغفار ، والشفاء أن تتوب ثم لا تعود .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو النضر العجلي ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : ثنا سفيان ، عن نسير بن ذعلوق ، قال : كان الربيع بن خيثم يبكي حتى تبل لحيته دموعه [ ص: 109 ] فيقول : أدركنا أقواما كنا في جنبهم لصوصا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت فضيل بن عياض ، يقول : كان الربيع بن خيثم يقول في دعائه : أشكو إليك حاجة لا يحسن بثها إلا إليك ، وأستغفر منها وأتوب إليك .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي ، قال : ثنا أحمد بن عمرو بن عبيد العصفري ، قال : ثنا عثمان بن زفر ، قال : ثنا الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، قال : قال الربيع بن خيثم : من استغفر الله تعالى كتب في راحته : أمن من العذاب .

              حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، قال : ثنا أبو العباس السراج ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمر بن ذر ، قال : قيل للربيع بن خيثم : كيف أصبحت يا أبا يزيد ؟ قال : أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا محمد بن شبل ، قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : ثنا سفيان الثوري ، عن أبي يعلى ، قال : كان الربيع إذا قيل له : كيف أصبحتم ، يقول : ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا .

              رواه نسير بن ذعلوق ، عن بكر بن ماعز ، عنه مثله .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا محمد بن أبي سهل ، قال : ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن ابن سيرين ، عن الربيع بن خيثم ، قال : أقلوا الكلام إلا بتسع : تسبيح وتكبير وتهليل وسؤالك الخير وتعوذك من الشر وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءة القرآن .

              رواه منذر الثوري ، عن الربيع مثله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية