الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما

                                                                                                                315 حدثني الحسن بن علي الحلواني حدثنا أبو توبة وهو الربيع بن نافع حدثنا معاوية يعني ابن سلام عن زيد يعني أخاه أنه سمع أبا سلام قال حدثني أبو أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي فقال اليهودي جئت أسألك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أينفعك شيء إن حدثتك قال أسمع بأذني فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه فقال سل فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الظلمة دون الجسر قال فمن أول الناس إجازة قال فقراء المهاجرين قال اليهودي فما تحفتهم حين يدخلون الجنة قال زيادة كبد النون قال فما غذاؤهم على إثرها قال ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها قال فما شرابهم عليه قال من عين فيها تسمى سلسبيلا قال صدقت قال وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان قال ينفعك إن حدثتك قال أسمع بأذني قال جئت أسألك عن الولد قال ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله قال اليهودي لقد صدقت وإنك لنبي ثم انصرف فذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا معاوية بن سلام في هذا الإسناد بمثله غير أنه قال كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال زائدة كبد النون وقال أذكر وآنث ولم يقل أذكرا وآنثا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما

                                                                                                                فيه حديث ثوبان - رضي الله عنه - في قصة الحبر اليهودي ، وقد تقدم في الباب الذي قبله بيان صفة المني . وأما ( الحبر ) : فهو بفتح الحاء وكسرها لغتان مشهورتان ، هو العالم .

                                                                                                                [ ص: 553 ] قوله : ( حدثني أبو أسماء الرحبي ) - هو بفتح الراء والحاء - واسمه عمرو بن مرثد الشامي الدمشقي . قال أبو سليمان بن زيد : كان أبو أسماء الرحبي من رحبة دمشق ، قرية من قراها بينها وبين دمشق ميل ، رأيتها عامرة . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( فنكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعود ) هو بفتح النون والكاف وبالتاء المثناة من فوق ، ومعناه : يخط بالعود في الأرض ، ويؤثر به فيها ، وهذا يفعله المفكر ، وفي هذا دليل على جواز فعل مثل هذا ، وأنه ليس مخلا بالمروءة . والله أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( هم في الظلمة دون الجسر ) هو بفتح الجيم وكسرها لغتان مشهورتان ، والمراد به هنا الصراط .

                                                                                                                قوله : ( فمن أول الناس إجازة ) هو بكسر الهمزة وبالزاي ومعناه : جوازا وعبورا .

                                                                                                                قوله : ( فما تحفتهم ) هي بإسكان الحاء وفتحها لغتان ، وهي ما يهدى إلى الرجل ويخص به ويلاطف ، وقال إبراهيم الحلبي : هي طرف الفاكهة . والله أعلم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( زيادة كبد النون ) هو النون بنونين ، الأولى مضمومة ، وهو الحوت . وجمعه نينان ، وفي الرواية الأخرى : ( زائدة كبد النون ) والزيادة والزائدة شيء واحد ، وهو طرف الكبد وهو أطيبها .

                                                                                                                قوله : ( فما غذاؤهم ) روي على وجهين : أحدهما : بكسر الغين وبالذال المعجمة ، والثاني : بفتح الغين وبالدال المهملة . قال القاضي عياض : هذا الثاني هو الصحيح ، وهو رواية الأكثرين . قال : والأول ليس بشيء ، قلت : وله وجه ، وتقديره : ما غذاؤهم في ذلك الوقت ؟ وليس المراد والسؤال عن غذائهم دائما . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( على إثرها ) بكسر الهمزة مع إسكان الثاء وبفتحهما جميعا لغتان مشهورتان .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من عين فيها تسمى سلسبيلا ) ، قال جماعة من أهل اللغة والمفسرين : السلسبيل اسم للعين . وقال مجاهد وغيره : هي شديدة الجري . وقيل : هي السلسلة اللينة .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أذكرا بإذن الله وآنثا بإذن الله ) معنى الأول : كان الولد ذكرا . ومعنى الثاني : كان [ ص: 554 ] أنثى . قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( آنثا ) بالمد في أوله وتخفيف النون ، وقد روي بالقصر وتشديد النون . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية