الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7774 ) مسألة ; قال : ( وذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال ، إذا سموا ، أو نسوا التسمية ) وجملة ذلك أن كل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب ، إذا ذبح ، حل أكل ذبيحته ، رجلا كان أو امرأة ، بالغا أو صبيا ، حرا كان أو عبدا ، لا نعلم في هذا خلافا .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على إباحة ذبيحة المرأة والصبي . وقد روي { أن جارية لكعب بن مالك ، كانت ترعى غنما بسلع ، فأصيبت شاة منها ، فأدركتها فذكتها بحجر ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كلوها } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وفي هذا الحديث فوائد سبع ; أحدها ، إباحة ذبيحة المرأة [ ص: 321 ] والثانية ، إباحة ذبيحة الأمة . والثالثة إباحة ذبيحة الحائض ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل . والرابعة ، إباحة الذبح بالحجر . والخامسة ، إباحة ذبح ما خيف عليه الموت . والسادسة ، حل ما يذبحه غير مالكه بغير إذنه . والسابعة ، إباحة ذبحه لغير مالكه عند الخوف عليه . ويشترط أن يكون عاقلا ، فإن كان طفلا ، أو مجنونا ، أو سكران لا يعقل ، لم يصح منه الذبح . وبهذا قال مالك .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : لا يعتبر العقل . وله فيما إذا أرسل المجنون الكلب على صيد وجهان . ولنا ، أن الذكاة يعتبر لها القصد ، فيعتبر لها العقل ، كالعبادة ، فإن من لا عقل له لا يصح منه القصد ، فيصير ذبحه كما لو وقعت الحديدة بنفسها على حلق شاة فذبحتها . وقوله : إذا سموا أو نسوا التسمية . فالتسمية مشترطة في كل ذابح مع العمد ، سواء كان مسلما أو كتابيا ، فإن ترك الكتابي التسمية عن عمد ، أو ذكر اسم غير الله ، لم تحل ذبيحته . روي ذلك عن علي .

                                                                                                                                            وبه قال النخعي ، والشافعي ، وحماد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وقال عطاء ، ومجاهد ، ومكحول : إذا ذبح النصراني باسم المسيح حل ، فإن الله تعالى أحل لنا ذبيحته ، وقد علم أنه سيقول ذلك . ولنا ، قول الله تعالى { : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } .

                                                                                                                                            وقوله : { وما أهل لغير الله به } والآية أريد بها ما ذبحوه بشرطه كالمسلم . فإن لم يعلم أسمى الذابح أم لا ؟ أو ذكر اسم غير الله أم لا ؟ فذبيحته حلال ; لأن الله تعالى أباح لنا أكل ما ذبحه المسلم والكتابي ، وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح .

                                                                                                                                            وقد روي عن عائشة رضي الله عنها { أنهم قالوا : يا رسول الله ، إن قوما حديثو عهد بشرك ، يأتوننا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لم يذكروا ؟ قال : سموا أنتم ، وكلوا } . أخرجه البخاري .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية