الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 23 ] الخطابي

                                                                                      الإمام العلامة ، الحافظ اللغوي ، أبو سليمان ، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي ، صاحب التصانيف .

                                                                                      ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة .

                                                                                      وسمع من : أبي سعيد بن الأعرابي بمكة ، ومن إسماعيل بن محمد الصفار وطبقته ببغداد ، ومن أبي بكر بن داسة وغيره بالبصرة ، ومن أبي [ ص: 24 ] العباس الأصم ، وعدة بنيسابور . وعني بهذا الشأن متنا وإسنادا .

                                                                                      وروى أيضا عن أبي عمرو بن السماك ، ومكرم القاضي ، وأبي عمر غلام ثعلب وحمزة بن محمد العقبي وأبي بكر النجاد ، وجعفر بن محمد الخلدي .

                                                                                      وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي ، وأبي علي بن أبي هريرة ، ونظرائهما .

                                                                                      حدث عنه : أبو عبد الله الحاكم وهو من أقرانه في السن والسند ، والإمام أبو حامد الإسفراييني وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرزجاهي والعلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي ، وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي ، وأبو ذر عبد بن أحمد ، وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي ، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور ، وأبو بكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرئ ، وعلي بن الحسن السجزي الفقيه ، ومحمد بن علي بن عبد الملك الفارسي الفسوي ، وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ، وطائفة سواهم .

                                                                                      أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه ، وشهدة بنت حسان قالا : أخبرنا جعفر بن علي المالكي ، أخبرنا أبو طاهر السلفي قال : وأما أبو [ ص: 25 ] سليمان الشارح لكتاب أبي داود ، فإذا وقف منصف على مصنفاته ، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته ، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته . وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم ، وطوف ، ثم ألف في فنون من العلم ، وصنف ، وفي شيوخه كثرة ، وكذلك في تصانيفه ، منها " شرح السنن " ، الذي عولنا على الشروع في إملائه وإلقائه ، وكتابه في غريب الحديث ، ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد ، ولا ابن قتيبة في كتابيهما ، وهو كتاب ممتع مفيد ، ومحصله بنية موفق سعيد ، ناولنيه القاضي أبو المحاسن بالري ، وشيخه فيه عبد الغافر الفارسي يرويه عن أبي سليمان ، ولم يقع لي من تواليفه سوى هذين الكتابين مناولة لا سماعا عند اجتماعي بأبي المحاسن ، لعارضة قد برحت بي ، وبلغت مني ، لولاها لما توانيت في سماعهما ، وقد روى لنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب " العزلة " . عن أبي عمرو الرزجاهي ، عنه ، وأنا أشك هل سمعته كاملا أو بعضه . . .

                                                                                      إلى أن قال السلفي : وحدث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب : " الغريبين " ، فقال : أحمد بن محمد الخطابي ، ولم يكنه . ووافقه على ذلك أبو منصور الثعالبي كما قال الجم الغفير ، لا كما قالاه ، وقال أحد الأدباء ممن أخذ عن ابن خرزاذ النجيرمي في كتاب " اليتيمة " ، لكنه كناه ، وقال : أبو [ ص: 26 ] سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم البستي صاحب " غريب الحديث " ، والصواب في اسمه : حمد وهو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من ولد زيد بن الخطاب ، وله -رحمه الله- شعر هو سحر .

                                                                                      قلت : وله " شرح الأسماء الحسنى " وكتاب : " الغنية عن الكلام وأهله " ، وغير ذلك .

                                                                                      أخبرنا أبو الحسن وشهدة قالا : أخبرنا جعفر ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا أبو المحاسن الروياني ، سمعت أبا نصر البلخي ، سمعت أبا سليمان الخطابي ، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب -يعني : " سنن " أبي داود - يقول : لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله ، ثم هذا الكتاب ، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة . [ ص: 27 ]

                                                                                      قال أبو يعقوب القراب : توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة .

                                                                                      قلت : وفيها مات محدث إسفرايين ، أبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الإسفراييني في عشر التسعين ، ومحدث بروجرد القاضي أبو الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي في عشر المائة ، يروي عن ابن جرير ، والباغندي . ومسند نيسابور أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي ، ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي ، ومقرئ العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي ، وشيخ الأدب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد ، ومسند مرو أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مائة عام ، وعالم مصر أبو بكر محمد بن علي الأدفوي المقرئ المفسر ، ومحدث مكة أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة ، عن عبد الغني بن سرور الحافظ ، أخبرنا إسماعيل بن غانم ، أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن أحمد البلخي ، حدثنا حمد بن محمد ، حدثنا محمد بن زكريا ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن حزابة ، حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا أسباط ، [ ص: 28 ] عن السدي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن .

                                                                                      وهو القائل :

                                                                                      وما غربة الإنسان في شقة النوى ولكنها والله في عدم الشكل     وإني غريب بين بست وأهلها
                                                                                      وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية