الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وليطوفوا بالبيت العتيق .

                                                                                                                                                                                                                                      في المراد بالعتيق هنا للعلماء ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن المراد به القديم ، لأنه أقدم مواضع التعبد .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أن الله أعتقه من الجبابرة .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أن المراد بالعتق فيه الكرم ، والعرب تسمي القديم عتيقا وعاتقا ومنه قول حسان - رضي الله عنه - :

                                                                                                                                                                                                                                      كالمسك تخلطه بماء سحابة أو عاتق كدم الذبيح مدام

                                                                                                                                                                                                                                      لأن مراده بالعاتق الخمر القديمة التي طال مكثها في دنها زمنا طويلا ، وتسمي الكريم عتقا ومنه قول كعب بن زهير :

                                                                                                                                                                                                                                      قنواء في حرتيها للبصير بها عتق     مبين وفي الخدين تسهيل



                                                                                                                                                                                                                                      فقوله : عتق مبين : أي كرم ظاهر ، ومنه قول المتنبي :


                                                                                                                                                                                                                                      ويبين عتق الخيل في أصواتها

                                                                                                                                                                                                                                      أي كرمها ،

                                                                                                                                                                                                                                      والعتق من الجبابرة كالعتق من الرق

                                                                                                                                                                                                                                      ، وهو معروف .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا علمت ذلك فاعلم : أنه قد دلت آية من كتاب الله ، على أن العتيق في الآية [ ص: 254 ] بمعنى القديم الأول وهي قوله تعالى : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا الآية [ 3 \ 96 ] مع أن المعنيين الآخرين كلاهما حق ، ولكن القرآن دل على ما ذكرنا ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      تنبيهان

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : دلت هذه الآية الكريمة ، على لزوم طواف الإفاضة وأنه لا صحة للحج بدونه .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : دلت هذه الآية أيضا على لزوم الطواف من وراء الحجر الذي عليه الجدار القصير شمال البيت ; لأن أصله من البيت ، فهو داخل في اسم البيت العتيق ، كما تقدم إيضاحه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية