الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      جرير بن عبد الله ( ع )

                                                                                      ابن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن حشم بن عوف ، الأمير النبيل الجميل أبو عمرو - وقيل : أبو عبد الله- البجلي القسري ، وقسر : من قحطان .

                                                                                      من أعيان الصحابة . [ ص: 531 ]

                                                                                      حدث عنه : أنس ، وقيس بن أبي حازم ، وأبو وائل ، والشعبي ، وهمام بن الحارث ; وأولاده الأربعة : المنذر ، وعبيد الله ، وإبراهيم - لم يدركه - وأيوب ، وشهر بن حوشب ، وزياد بن علاقة ، وحفيده أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، وأبو إسحاق السبيعي ; وجماعة .

                                                                                      وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم- على النصح لكل مسلم .

                                                                                      أحمد : حدثنا إسحاق الأزرق : حدثنا يونس ، عن المغيرة بن شبل ، قال : قال جرير : لما دنوت من المدينة ، أنخت راحلتي ، وحللت عيبتي ، ولبست حلتي ، ثم دخلت المسجد ; فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب ، فرماني الناس بالحدق . فقلت لجليسي : يا عبد الله ، هل ذكر رسول الله من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك بأحسن الذكر ; بينما هو يخطب ، إذ عرض له في خطبته ، فقال : إنه سيدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن ; ألا وإن على وجهه مسحة ملك . قال : فحمدت الله .

                                                                                      قلت : كان بديع الحسن ، كامل الجمال .

                                                                                      ابن عيينة : حدثنا إسماعيل ، عن قيس : سمعت جرير بن عبد الله يقول : ما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا تبسم في وجهي ، وقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك [ ص: 532 ] سوار بن مصعب ، عن مجالد ، عن الشعبي . عن عدي بن حاتم ، قال : لما دخل ، يعني جريرا ، على النبي - صلى الله عليه وسلم- ألقى له وسادة ، فجلس على الأرض . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا . فأسلم . ثم قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه .

                                                                                      الواقدي : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، قال : قدم جرير البجلي المدينة في رمضان سنة عشر ، ومعه من قومه خمسون ومائة . فقال رسول الله : يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن . فطلع جرير على راحلته ، ومعه قومه . فأسلموا .

                                                                                      أبو العباس السراج : حدثنا أبو بكر بن خلف : حدثنا يزيد بن نصر - بصري ثقة- حدثنا حفص بن غياث ، عن معبد بن خالد بن أنس بن مالك ، عن أبيه ، عن جده : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم- فأقبل جرير بن عبد الله ، فضن الناس بمجالسهم ، فلم يوسع له أحد ; فرمى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ببردة كانت معه حباه بها ; وقال : دونكها يا أبا عمرو ، فاجلس عليها . فتلقاها بصدره ونحره ، وقال : أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني . فقال النبي [ ص: 533 ] ، صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه .

                                                                                      ورواه جعفر بن أحمد بن بسام ، عن أبي صفوان المدني ، عن حفص بهذا .

                                                                                      وروى نحوه مسلم بن إبراهيم ، عن عون بن عمرو ، عن الجريري ، عن ابن بريدة ، عن يحيى بن معمر ، عن جرير .

                                                                                      وروى إبراهيم النخعي ، عن همام : أنه رأى جريرا بال ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه . فسألته . فقال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعله .

                                                                                      ثم قال إبراهيم : فكان يعجبهم هذا ; لأن جريرا من آخر من أسلم .

                                                                                      ابن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير : أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له : ألا تريحني من ذي الخلصة - بيت خثعم . وكان يسمى : الكعبة اليمانية .

                                                                                      قال : فخربناه ، أو حرقناه حتى تركناه كالجمل الأجرب . وبعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- يبشره ، فبرك على خيل أحمس ورجالها خمس مرات .

                                                                                      قال : وقلت : يا رسول الله ، إني رجل لا أثبت على الخيل . فوضع يده على وجهي
                                                                                      - وفي لفظ يحيى القطان : فوضع يده في صدري- وقال : اللهم ، اجعله هاديا مهديا .

                                                                                      وفيه : فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس .

                                                                                      أبو غسان النهدي : حدثنا سليمان بن إبراهيم بن جرير ، عن أبان بن [ ص: 534 ] عبد الله البجلي ، عن أبي بكر بن حفص ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : جرير منا أهل البيت ، ظهرا لبطن . قالها ثلاثا .

                                                                                      هذا منكر . وصوابه من قول علي .

                                                                                      الزيادي ، وغيره ، قالا : حدثنا خالد بن عمرو الأموي : حدثنا مالك بن مغول ، عن أبي زرعة ، عن جرير ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تأتيه وفود العرب ، فيبعث إلي ، فألبس حلتي ، ثم أجيء ، فيباهي بي .

                                                                                      وروي عن جرير : قال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إنك امرؤ قد حسن الله خلقك ، فحسن خلقك .

                                                                                      وعن عيسى بن يزيد : كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعجب من عقل جرير وجماله .

                                                                                      خالد بن عبد الله ، عن بيان ، عن قيس ، عن جرير ، قال : رآني عمر بن الخطاب متجردا ، فناداني : خذ رداءك ، خذ رداءك . فأخذت ردائي ; ثم أقبلت إلى القوم ، فقلت : ما له ؟ قالوا : لما رآك متجردا ، قال : ما أرى أحدا من الناس صور صورة هذا ، إلا ما ذكر من يوسف - عليه السلام .

                                                                                      عمر بن إسماعيل بن مجالد ، عن أبيه ، عن بيان ، عن قيس ، عن جرير : أنه مشى في إزار بين يدي عمر ، فقال : خذ رداءك . وقال للقوم : ما [ ص: 535 ] رأيت رجلا أحسن من هذا إلا ما بلغنا من صورة يوسف .

                                                                                      أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير : حدثني إبراهيم بن جرير : أن عمر قال : جرير يوسف هذه الأمة .

                                                                                      مغيرة ، عن الشعبي ، عن جرير ، قال : كنت عند عمر ، فتنفس رجل - يعني : أحدث- فقال عمر : عزمت على صاحب هذه ، لما قام ، فتوضأ . فقال جرير : اعزم علينا جميعا . فقال : عزمت علي وعليكم ، لما قمنا . فتوضأنا ، ثم صلينا .

                                                                                      ورواه يحيى القطان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، وله طرق ، وزاد بعضهم : فقال عمر : يرحمك الله ، نعم السيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد كنت في الإسلام .

                                                                                      مجالد ، عن الشعبي : كان على ميمنة سعد بن أبي وقاص يوم القادسية جرير بن عبد الله .

                                                                                      قال ابن عساكر : سكن جرير الكوفة ، ثم سكن قرقيسياء وقدم رسولا من علي إلى معاوية .

                                                                                      الزبير بن بكار : حدثني محمد بن يحيى : حدثني عمران بن عبد [ ص: 536 ] العزيز الزهري ، قال : بلغني أن جريرا قال : بعثني علي إلى معاوية يأمره بالمبايعة ، فخرجت لا أرى أحدا سبقني إليه ; فإذا هو يخطب ، والناس يبكون حول قميص عثمان ، وهو معلق في رمح .

                                                                                      قال ابن سعد : قال محمد بن عمر : لم يزل جرير معتزلا لعلي ومعاوية بالجزيرة ونواحيها ، حتى توفي بالشراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة .

                                                                                      أبو نعيم ، والفريابي : حدثنا أبان بن عبد الله البجلي : حدثني إبراهيم بن جرير عن أبيه ، قال : بعث علي إلى ابن عباس ، والأشعث ، وأنا بقرقيسياء ، فقالا : أمير المؤمنين يقرئك السلام ، ويقول : نعم ما رأيت من مفارقتك معاوية ، وإني أنزلك بمنزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- التي أنزلكها . فقال جرير : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعثني إلى اليمن أقاتلهم حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوا ، حرمت دماؤهم وأموالهم . فلا أقاتل من يقول : لا إله إلا الله .

                                                                                      قال الهيثم بن عدي : ذهبت عين جرير بهمدان ، إذ وليها لعثمان .

                                                                                      قال الهيثم ، وخليفة ، ومحمد بن مثنى : توفي جرير سنة إحدى وخمسين .

                                                                                      وقال ابن الكلبي : مات سنة أربع وخمسين . [ ص: 537 ]

                                                                                      ومسند جرير نحو من مائة حديث ، بالمكرر . اتفق له الشيخان على ثمانية أحاديث وانفرد البخاري بحديثين ، ومسلم بستة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية