الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو سعيد الخدري ( ع )

                                                                                      الإمام المجاهد ، مفتي المدينة سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن [ ص: 169 ] عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج . واسم الأبجر : خدرة ، وقيل : بل خدرة هي أم الأبجر .

                                                                                      وأخو أبي سعيد لأمه هو قتادة بن النعمان الظفري أحد البدريين .

                                                                                      استشهد أبوه مالك يوم أحد ، وشهد أبو سعيد الخندق ، وبيعة الرضوان .

                                                                                      وحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكثر وأطاب ، وعن أبي بكر ، وعمر ، وطائفة ، وكان أحد الفقهاء المجتهدين .

                                                                                      حدث عنه : ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وجماعة من أقرانه ، وعامر بن سعد ، وعمرو بن سليم ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، ونافع العمري ، وبسر بن سعيد ، وبشر بن حرب الندبي ، وأبو الصديق الناجي ، وأبو الوداك ، وأبو المتوكل الناجي ، وأبو نضرة العبدي ، وأبو صالح السمان ، وسعيد بن المسيب ، وعبد الله بن خباب ، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، وعبد الرحمن بن أبي نعم ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعطاء بن يزيد الليثي ، وعطاء بن يسار ، وعطية العوفي ، وأبو هارون العبدي ، وعياض بن عبد الله ، وقزعة بن يحيى ، ومحمد بن علي الباقر ، وأبو الهيثم سليمان بن عمرو العتواري ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وخلق كثير .

                                                                                      وعن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، قال : عرضت يوم أحد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن ثلاث عشرة ، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول : يا رسول الله ! إنه عبل العظام . وجعل نبي الله يصعد في النظر ، ويصوبه ، ثم قال : رده ، فردني .

                                                                                      [ ص: 170 ] إسماعيل بن عياش : أنبأنا عقيل بن مدرك ، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : عليك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء . وعليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن ، فإنه روحك في أهل السماء ، وذكرك في أهل الأرض . وعليك بالصمت إلا في حق ، فإنك تغلب الشيطان .

                                                                                      وروى حنظلة بن أبي سفيان ، عن أشياخه : أنه لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم من أبي سعيد الخدري .

                                                                                      قال أبو عقيل الدورقي : سمعت أبا نضرة يحدث قال : دخل أبو سعيد يوم الحرة غارا ، فدخل عليه فيه رجل ، ثم خرج ، فقال لرجل من أهل الشام : أدلك على رجل تقتله ؟ فلما انتهى الشامي إلى باب الغار ، وفي عنق أبي سعيد السيف ، قال لأبي سعيد : اخرج ، قال : لا أخرج ، وإن تدخل أقتلك ، فدخل الشامي عليه ، فوضع أبو سعيد السيف ، وقال : بؤ بإثمي وإثمك ، وكن من أصحاب النار . قال : أنت أبو سعيد الخدري ؟ قال : نعم . قال : فاستغفر لي ، غفر الله لك .

                                                                                      عبد الله بن عمر : عن وهب بن كيسان ، قال : رأيت أبا سعيد الخدري يلبس الخز .

                                                                                      [ ص: 171 ] ابن عجلان : عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : رأيت أبا سعيد يحفي شاربه كأخي الحلق .

                                                                                      وقد روى بقي بن مخلد في " مسنده الكبير " لأبي سعيد الخدري بالمكرر ألف حديث ومائة وسبعين حديثا .

                                                                                      قال الواقدي وجماعة : مات سنة أربع وسبعين .

                                                                                      ولابن المديني مع جلالته في وفاة أبي سعيد قولان شذ بهما ووهم ، فقال إسماعيل القاضي : سمعه يقول : مات سنة ثلاث وستين وقال البخاري : قال علي : مات بعد الحرة بسنة .

                                                                                      أخبرنا إسحاق بن طارق ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا اللبان ، أخبرنا الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو ، أخبرنا أبو حصين ، أخبرنا يحيى بن عبد الحميد ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن المعلى بن زياد ، عن العلاء بن بشير ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد ، قال : أتى علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن أناس من ضعفة المسلمين ما أظن رسول الله يعرف أحدا منهم ، وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري . فقال رسول الله بيده ، فأدارها شبه الحلقة ، قال : فاستدارت له الحلقة ، فقال : بما كنتم تراجعون ؟ قالوا : هذا رجل يقرأ لنا القرآن ، ويدعو لنا ، قال : فعودوا لما كنتم فيه ، ثم قال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم . ثم قال : ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم [ ص: 172 ] القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام ، هؤلاء في الجنة يتنعمون ، وهؤلاء يحاسبون .

                                                                                      تابعه جعفر بن سليمان عن المعلى ، أخرجه أبو داود وحده .

                                                                                      مسند أبي سعيد ألف ومائة وسبعون حديثا ، ففي البخاري ومسلم ثلاثة وأربعون ، وانفرد البخاري بستة عشر حديثا ، ومسلم باثنين وخمسين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية