الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      العلاء بن الحضرمي ( ع )

                                                                                      واسمه العلاء بن عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة بن مقنع بن حضرموت .

                                                                                      كان من حلفاء بني أمية ، ومن سادة المهاجرين وأخوه ميمون بن الحضرمي هو المنسوب إليه بئر ميمون التي بأعلى مكة ، احتفرها قبل المبعث .

                                                                                      وأخواهما : عمرو وعامر . [ ص: 263 ]

                                                                                      ولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البحرين ، ثم وليها لأبي بكر وعمر .

                                                                                      وقيل : إن عمر بعثه على إمرة البصرة ، فمات قبل أن يصل إليها .

                                                                                      وولي بعده البحرين لعمر أبو هريرة .

                                                                                      له حديث : " مكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا " . رواه عنه السائب بن يزيد .

                                                                                      وروى عنه أيضا حيان الأعرج ، وزياد بن حدير .

                                                                                      روى منصور بن زاذان ، عن محمد بن سيرين عن ابن العلاء ، أن العلاء ابن الحضرمي كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بنفسه .

                                                                                      قال ابن إسحاق : كان والدهم الحضرمي حلف حرب بن أمية ، وهو من بلاد حضرموت ، واسمه عبد الله بن عباد بن الصدف . [ ص: 264 ]

                                                                                      ابن لهيعة عن أبي الأسود ، عن عروة قال : بعثه - يعني العلاء - أبو بكر الصديق في جيش قبل البحرين - وكانوا قد ارتدوا - فسار إليهم وبينه وبينهم البحر - يعني الرقراق - حتى مشوا فيه بأرجلهم ، فقطعوا كذلك مكانا كانت تجري فيه السفن ، وهي اليوم تجري فيه أيضا ، فقاتلهم ، وأظهره الله عليهم ، وبذلوا الزكاة .

                                                                                      توفي سنة إحدى وعشرين .

                                                                                      وروي عن أبي هريرة : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمي ووصاه بي ، فكنت أؤذن له .

                                                                                      وقال المسور بن مخرمة : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - العلاء إلى البحرين ، ثم عزله بأبان بن سعيد .

                                                                                      قال محمد بن سعد : بعث أبو بكر العلاء بن الحضرمي ، فخرج من المدينة في ستة عشر راكبا ، وكتب له كتابا أن ينفر معه كل من مر به من المسلمين إلى عدوهم ، فسار العلاء في من تبعه حتى لحق بحصن جواثى فقاتلهم ، فلم يفلت منهم أحد .

                                                                                      ثم أتى القطيف وبها جمع ، فقاتلهم ، فانهزموا ، فانضمت [ ص: 265 ] الأعاجم إلى الزارة ، فأتاهم العلاء ، فنزل الخط على ساحل البحر ، فقاتلهم ، وحاصرهم إلى أن توفي الصديق ، فطلب أهل الزارة الصلح فصالحهم ، ثم قاتل أهل دارين ، فقتل المقاتلة ، وحوى الذراري . وبعث عرفجة إلى ساحل فارس ، فقطع السفن ، وافتتح جزيرة بأرض فارس واتخذ بها مسجدا .

                                                                                      مجالد : عن الشعبي أن عمر كتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سر إلى عتبة بن غزوان ; فقد وليتك عمله ، وطننت أنك أغنى منه ، فاعرف له حقه . فخرج العلاء في رهط ، منهم أبو هريرة ، وأبو بكرة ، فلما كانوا بنياس مات العلاء .

                                                                                      وكان أبو هريرة يقول : رأيت من العلاء ثلاثة أشياء لا أزال أحبه أبدا : قطع البحر على فرسه يوم دارين ; وقدم يريد البحرين ، فدعا الله بالدهناء ، فنبع لهم ماء فارتووا ; ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد ، فلقيه ولم يجد الماء . [ ص: 266 ]

                                                                                      ومات ونحن على غير ماء ، فأبدى الله لنا سحابة ، فمطرنا ، فغسلناه ، وحفرنا له بسيوفنا ، ودفناه ، ولم نلحد له .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية