الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      هشيم ( ع )

                                                                                      ابن بشير بن أبي خازم ، واسم أبي خازم قاسم بن دينار الإمام شيخ [ ص: 288 ] الإسلام ، محدث بغداد ، وحافظها أبو معاوية السلمي ، مولاهم الواسطي . ولد سنة أربع ومائة .

                                                                                      وأخذ عن الزهري ، وعمرو بن دينار بمكة ، ولم يكثر عنهما ، وهما أكبر شيوخه .

                                                                                      وروى عن منصور بن زاذان ، وحصين بن عبد الرحمن ، وأبي بشر وأيوب السختياني ، وأبي الزبير ، ومغيرة ، وسليمان التيمي ، وعبد العزيز بن صهيب ، وعلي بن زيد ، وأبي إسحاق الشيباني ، ويحيى بن سعيد ، ويعلى بن عطاء ، ويحيى بن أبي إسحاق ، وأبي هاشم الرماني ، وحميد الطويل ، وعبد الله بن أبي صالح السمان ، وعطاء بن السائب ، والأعمش ، وخلق .

                                                                                      حدث عنه ابن إسحاق ، وعبد الحميد بن جعفر ، وشعبة ، وسفيان ، وهم من أشياخه ، وحماد بن زيد ، وابن المبارك ، وطائفة من أقرانه ، ويحيى القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعفان ، وقتيبة ، وأحمد ، وعمرو بن عون ، ومسدد ، وابن المديني ، وابنا أبي شيبة ، وعلي بن حجر ، وعلي بن مسلم الطوسي ، وعمرو الناقد ، وأبو عبيد ، وابن الصباح الدولابي ، والجرجرائي وشجاع بن مخلد ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، ويعقوب الدورقي ، وأبو معمر القطيعي ، وخلف بن سالم ، [ ص: 289 ] وأبو خيثمة ، وأحمد بن منيع ، وأبو كريب ، وأبو سعيد الأشج ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وهناد بن السري ، وزياد بن أيوب ، والحسن بن عرفة ، وإبراهيم بن مجشر وخلق كثير .

                                                                                      سكن بغداد ، ونشر بها العلم ، وصنف التصانيف . قال يعقوب الدورقي : كان عند هشيم عشرون ألف حديث .

                                                                                      قلت : كان رأسا في الحفظ إلا أنه صاحب تدليس كثير ، قد عرف بذلك .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : لم يسمع هشيم من يزيد بن أبي زياد ، ولا من الحسن بن عبيد الله ، ولا من أبي خالد ، ولا من سيار ، ولا من موسى الجهني ، ولا من علي بن زيد بن جدعان ، ثم سمى جماعة كثيرة - يعني فروايته عنهم مدلسة .

                                                                                      قال إبراهيم الحربي : كان والد هشيم صاحب صحناء وكامخ ، فكان يمنع هشيما من الطلب ، فكتب العلم حتى ناظر أبا شيبة القاضي ، وجالسه في الفقه . قال : فمرض هشيم ، فجاء أبو شيبة يعوده ، فمضى رجل إلى بشير ، فقال : الحق ابنك ، فقد جاء القاضي يعوده ، فجاء ، فوجد القاضي في داره ، فقال : متى أملت أنا هذا ، قد كنت يا بني أمنعك ، أما اليوم فلا بقيت أمنعك .

                                                                                      قال وهب بن جرير : قلنا لشعبة : نكتب عن هشيم ؟ قال : نعم ، ولو [ ص: 290 ] حدثكم عن ابن عمر ، فصدقوه .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : لزمت هشيما أربع سنين ، أو خمسا ، ما سألته عن شيء ، إلا مرتين هيبة له ، وكان كثير التسبيح بين الحديث ، يقول بين ذلك : لا إله إلا الله ، يمد بها صوته .

                                                                                      وعن عبد الرحمن بن مهدي قال : كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري .

                                                                                      وقال يزيد بن هارون : ما رأيت أحدا أحفظ للحديث من هشيم إلا سفيان ، إن شاء الله .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : هشيم ثقة ، يعد من الحفاظ ، وكان يدلس .

                                                                                      قال ابن أبي الدنيا : حدثني من سمع عمرو بن عون يقول : مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء قبل أن يموت عشرين سنة .

                                                                                      وقال عمرو بن عون : سمعت حماد بن زيد يقول : ما رأيت في المحدثين أنبل من هشيم .

                                                                                      وسئل أبو حاتم عن هشيم ، فقال : لا يسأل عنه في صدقه ، وأمانته ، وصلاحه .

                                                                                      وقال عبد الله بن المبارك : من غير الدهر حفظه ، فلم يغير حفظ هشيم .

                                                                                      قال يحيى بن أيوب العابد : سمعت نصر بن بسام وغيره من أصحابنا ، قالوا : أتينا معروفا الكرخي ، فقال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام [ ص: 291 ] وهو يقول لهشيم : جزاك الله عن أمتي خيرا . فقلت لمعروف : أنت رأيت ؟ قال : نعم ، هشيم خير مما نظن .

                                                                                      أحمد بن أبي خيثمة ، حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، حدثنا أبو سفيان الحميري ، عن هشيم ، قال : قدم الزبير - رضي الله عنه - الكوفة في خلافة عثمان ، وعلى الكوفة سعيد بن العاص ، فبعث إليه بسبع مائة ألف ، وقال : لو كان في بيت المال أكثر من هذا لبعثت بها إليك ، فقبلها الزبير . قال أحمد : فحدثت بهذا مصعب بن عبد الله ، فقال : ما كان الذي بعث إليه عندنا إلا الوليد بن عقبة ، وكنا نشكرها لهم ، وهشيم أعلم .

                                                                                      قال أبو سفيان : سألت هشيما عن التفسير : كيف صار فيه الاختلاف ؟ قال : قالوا برأيهم ، فاختلفوا .

                                                                                      قال إبراهيم بن عبد الله الهروي : سمع هشيم ، وابن عيينة من الزهري في سنة ثلاث وعشرين في ذي الحجة ، فقال سفيان : أقام عندنا إلى عمرة المحرم ، ثم خرج إلى الجعرانة فاعتمر منها ، ثم نفر ، ومات من سنته .

                                                                                      وقد ذكر إبراهيم بن عبد الله الهروي حديثا ، فقال : لم يسمعه هشيم من الزهري ، ولم يرو عنه سوى أربعة أحاديث سماعا ، منها : حديث " السقيفة " وحديث " المضامين والملاقيح " وحديث " ما استيسر من [ ص: 292 ] الهدي " وحديث : " اعتكف فأتته صفية " .

                                                                                      قلت : قد ذكرنا في ترجمة شعبة أنه اختطف صحيفة الزهري من يد هشيم فقطعها ، لكونه أخفى شأن الزهري على شعبة لما رآه جالسا معه وسأله : من ذا الشيخ ؟ فقال : شرطي لبني أمية ، فما عرفه شعبة ، ولا سمع منه . وهذه هفوة كانت من الاثنين في حال الشبيبة ، ثم إن هشيما كان يحفظ من تلك الصحيفة أربعة أحاديث ، فكان يرويها .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : ليس أحد أصح حديثا من هشيم عن حصين . [ ص: 293 ]

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن مهدي : حفظ هشيم عندي أثبت من حفظ أبي عوانة ، وكتاب أبي عوانة أثبت .

                                                                                      روى عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه قال : الذين رأيتهم لا يختضبون : هشيم ، معتمر ، يحيى بن سعيد ، معاذ بن معاذ ، ابن إدريس ، ابن مهدي ، إسماعيل بن إبراهيم ، عبد الوهاب الثقفي ، يزيد بن هارون ، أبو معاوية حفص بن غياث ، عباد بن العوام .

                                                                                      إلى السواد : جرير بن نمير ، غندر بن فضيل البرساني ، عبد الرزاق ، عباد بن عباد بن أبي زائدة ، الوليد بن مسلم .

                                                                                      خضابا خفيفا : مرحوم العطار ، حجاج ، سعد ويعقوب ابنا إبراهيم ، أبو داود ، أبو النضر ، أبو نعيم . خضابا خفيفا : محمد بن عبيد ، أخوه يعلى ، أخوهما عمر . خضابا خفيفا : أبو قطن ، أبو المغيرة ، علي بن عياش ، أبو اليمان ، عصام بن خالد ، بشر بن شعيب ، يحيى بن أبي بكير ، غنام بن علي ، مروان بن شجاع ، شجاع بن الوليد ، حميد الرؤاسي ، إبراهيم بن خالد . رأيت هولاء يخضبون .

                                                                                      أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا سعيد بن البناء ، أخبرنا علي بن البسري ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا أبو الأحوص محمد بن حبان البغوي ، سنة سبع وعشرين ، وعبيد الله بن عمر ، وسريج بن يونس ، قالوا : أخبرنا هشيم ، أخبرنا علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر . [ ص: 294 ]

                                                                                      أخرجه الترمذي وابن ماجه بأطول من هذا من حديث سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان وهو من أوعية العلم ، لكن له ما ينكر . وقال الترمذي في هذا الحديث : حسن . وفيه تصريح الإخبار عن علي كما ترى ، وقد مر قول أحمد بن حنبل - فالله أعلم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية