الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      هشام بن حسان ( ع )

                                                                                      الإمام العالم ، الحافظ محدث البصرة ، أبو عبد الله الأزدي ، القردوسي ، البصري . ويقال : هو من العتيك ، ونزل في القراديس ، وقيل : هو من مواليهم ، وهو أشبه . فلم يسم له جد مع شهرة هشام ونبله . وما علمت له شيئا عن الصحابة . والظاهر أنه رأى أنس بن مالك ، فإنه أدركه وهو قد اشتد .

                                                                                      حدث عن الحسن ، وابن سيرين ، وأخته حفصة بنت سيرين ، وأبي مجلز ، [ ص: 356 ] وعكرمة ، وعطاء بن أبي رباح ، وأنس بن سيرين ، وأبي معشر زياد بن كليب ، وحميد بن هلال ، وقيس بن سعد ، وواصل مولى أبي عيينة ، ويحيى بن أبي كثير ، وأيوب بن موسى القرشي ، وعبد العزيز بن صهيب . وينزل إلى أن يروي عن سهيل بن أبي صالح ، ومهدي بن ميمون . وهو أصغر منه .

                                                                                      حدث عنه : ابن جريج ، وابن أبي عروبة ، وشعبة ، وسفيان ، وإبراهيم بن طهمان ، وزائدة ، والحمادان وفضيل بن عياض ، وهشيم ، ومعتمر ، وابن عيينة ، وابن علية ، وجرير ، وحفص بن غياث ، وأبو أسامة ، ويحيى القطان ، ويزيد بن هارون ، وغندر ، والنضر بن شميل ، ومحمد بن بكر البرساني ، وروح ، والأسود بن عامر ، وعثمان بن عمر بن فارس ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وأبو عاصم ، وعبد الله بن بكر السهمي ، ومكي بن إبراهيم ووهب بن جرير ، وسعيد بن عامر ، وعثمان بن الهيثم المؤذن ، وخلق كثير .

                                                                                      قال محمد بن سلام الجمحي : هشام بن حسان مولى القراديس من الأزد . وقال سليمان بن أبي شيخ : إنما سمي " قردوس " من جماله . وقال أبو حفص الفلاس : هشام مولى العتك ، نزل درب القراديس فنسب إليهم .

                                                                                      روى حماد عن هشام قال : كناني محمد بن سيرين أبا عبد الله ولم يولد لي . وروى حماد ، عن سعيد بن أبي صدقة ، أن محمد بن سيرين قال : هشام منا أهل البيت . قال حماد : وكان أيوب يقول : سل لي هشاما عن حديث كذا .

                                                                                      قال سعيد بن أبي عروبة : ما رأيت -أو : ما كان أحد- أحفظ عن محمد من هشام .

                                                                                      إبراهيم بن مهدي : سمعت حماد بن زيد يقول : أنبأنا أيوب وهشام . وحسبك بهشام .

                                                                                      نعيم بن حماد : سمعت سفيان يقول : لقد أتى هشام أمرا عظيما بروايته عن [ ص: 357 ] الحسن . قيل لنعيم : لم ؟ قال : لأنه كان صغيرا .

                                                                                      قلت : هذا فيه نظر . بل كان كبيرا . وقد جاء أيضا عن نعيم بن حماد ، عن سفيان بن عيينة قال : كان هشام أعلم الناس بحديث الحسن . فهذا أصح .

                                                                                      قال سعيد بن عامر الضبعي ، سمع هشاما يقول : جاورت الحسن عشر سنين . وروى أبو بكر بن أبي شيبة ، عن ابن علية قال : كنا لا نعد هشام بن حسان في الحسن شيئا .

                                                                                      مخلد بن الحسين ، عن هشام ، أنه كان إذا حدث عن ابن سيرين سرده سردا كما سمعه . فإن كان ابن سيرين يرسل فيه أرسل فيه ، في حديث ابن سيرين خاصة .

                                                                                      عبد العزيز بن أبي رزمة ، عن إبراهيم بن المغيرة المروزي ، قلت لهشام بن حسان : أخرج إلي بعض كتبك . قال : ليس لي كتب . يعني كان يحفظ وقلما كتب .

                                                                                      وروى مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان قال : ما كتبت للحسن ومحمد حديثا قط إلا حديث الأعماق لأنه طال علي فكتبته ، فلما حفظته محوته .

                                                                                      علي : سمعت يحيى بن سعيد يقول : روى هشام بن حسان ، عن أبي مجلز [ ص: 358 ] واحدا أو اثنين . قلت : ما هو ؟ .

                                                                                      قال لا تقوم الساعة حتى تعبد العرب بيتا أو شيئا قلت ليحيى : هذا مما سمعته من أبي مجلز ؟ قال : نعم لقيته بخراسان .

                                                                                      قلت ليحيى بن سعيد : هشام في ابن سيرين أحب إليك ، أو عاصم الأحول وخالد الحذاء ؟ قال : هشام . ثم قال : هو عندي في الحسن دون محمد بن عمرو .

                                                                                      حجاج بن منهال : كان حماد بن سلمة لا يختار على هشام في حديث ابن سيرين أحدا .

                                                                                      قال علي بن المديني : أما حديث هشام عن محمد ، فصحاح ، وحديثه عن الحسن عامتها تدور على حوشب ، وهشام أثبت من خالد الحذاء في ابن سيرين . هشام ثبت . وروى الحسن بن علي الخلال ، عن علي بن المديني قال : كان يحيى بن سعيد وكبار أصحابنا يثبتون هشام بن حسان . وكان يحيى يضعف حديثه عن عطاء ، وكان الناس يرون أنه أخذ حديث الحسن عن حوشب .

                                                                                      علي بن المديني ، عن عرعرة بن البرند : سألت عباد بن منصور : أتعرف أشعث مولى آل حمران ؟ قال : نعم . قلت : كان يقاعد الحسن ؟ قال : نعم ، كثيرا . قلت : هشام بن حسان ؟ قال : ما رأيته عند الحسن قط . قال عرعرة : [ ص: 359 ] فأخبرت بذلك جرير بن حازم ، فقال : قاعدت الحسن سبع سنين ما رأيت هشاما عنده قط . قلت : فأشعث ؟ قال : ما أتيت الحسن إلا رأيته عنده .

                                                                                      شعيب بن حرب ، عن شعبة قال : لو حابيت أحدا لحابيت هشام بن حسان ، كان ختني ولم يكن يحفظ .

                                                                                      معاوية بن صالح ، عن ابن معين ، قال : زعم معاذ بن معاذ قال : كان شعبة يتقي حديث هشام عن عطاء ، ومحمد ، والحسن . قال : وقال وهيب : سألني سفيان أن أفيده عن هشام بن حسان ، فقلت : لا أستحل . فأفدته عن أيوب ، عن محمد ، فسأل هشاما عنهما .

                                                                                      سليمان بن حرب ، عن حماد قال : ذكر لأيوب ويحيى عن هشام عن محمد ، قال : سألت عبيدة عما ينقض الوضوء ، قال : الحدث ، وأذى المسلم . فأنكروا قوله : وأذى المسلم .

                                                                                      حماد بن زيد قال : كان هشام يرفع حديث محمد عن أبي هريرة ، يقول فيها : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك لأيوب . فقال : قل له : إن محمدا لم يكن يرفعها ، فلا ترفعها ، إنما كان ينحو بها بالرفع . فذكرت ذلك لهشام فترك الرفع .

                                                                                      سليم بن أخضر ، عن ابن عون : كان محمد لا يرفع من حديث أبي هريرة إلا ثلاثة أحاديث . صلى إحدى صلاتي العشي ، وجاء أهل اليمن ، ولم يذكر الثالث .

                                                                                      قلت : قد أخرجا في " الصحيح " من المرفوعات لمحمد عن أبي هريرة ، [ ص: 360 ] عدة أحاديث ، وانفرد كل منهما بأحاديث .

                                                                                      عبد الرحمن بن المبارك العيشي ، عن سفيان بن حبيب قال : ربما سمعت هشام بن حسان يقول : سمعت عطاء . وأجيء بعد فيقول : حدثني الثوري . وقيس عن عطاء هو ذاك بعينه . قلت له : اثبت على أحدهما . فصاح بي . قلت : عطاء هو ابن السائب ، ويجوز أن يكون عطاء بن أبي رباح . وقوله : وقيس وهم . وإنما هو فيما أرى عن قيس وهو ابن سعد المكي .

                                                                                      قال أحمد : هشام صالح ، وهو أحب إلي من أشعث وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن هشام بن حسان قال : عندي لا بأس به . وما تكاد تنكر عليه شيئا إلا وجدت غيره قد رواه إما أيوب ، وإما عوف .

                                                                                      وروى عباس عن ابن معين قال : لا بأس به . وروى عثمان بن سعيد ، عن ابن معين : هو أحب إلي من جرير بن حازم . وقال عثمان : سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول : يزيد بن إبراهيم أثبت عندنا من هشام بن حسان وقال العجلي : هشام بصري ثقة ، حسن الحديث . يقال : إن عنده ألف حديث حسن ليست عند غيره . ورأيت بعضهم قال : له نحو مائتي حديث . فكأنه أراد المسند . وقال أبو حاتم : كان صدوقا ، وكان يتثبت في رفع الأحاديث عن ابن سيرين .

                                                                                      وقال أيضا : يكتب حديثه . قلت : قد علمت بالاستقراء التام أن أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل : يكتب حديثه -أنه عنده ليس بحجة .

                                                                                      قال عمرو بن علي الصيرفي : كان هشام من البكائين . سمعت أبا عاصم يقول : رأيت هشام بن حسان -وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- والجنة ، والنار- بكى حتى تسيل دموعه على خديه .

                                                                                      الرمادي ، عن عبد الرزاق قال : كان هشام بن حسان يقول لإنسان : إذا [ ص: 361 ] دخل عبيد الله ، فآذني . قال : فجاء عبيد الله فجلس إليه هشام ، فلما قام هشام قال عبيد الله : هذا يرى اليوم أنه أعلم أهل المشرق .

                                                                                      إبراهيم بن جابر ، عن عبد الرحيم بن هارون الغساني ، سمعت هشام بن حسان يقول : ليت ما حفظ عني من العلم في أخبث تنور بالبصرة . وليت حظي منه لا لي ولا علي .

                                                                                      قلت : ليس مراده ذات العلم ، فهذا لا يقوله مسلم وإنما مراده التعليم والقصد بالعلم . ألا تراه كيف يقول : ليت حظي منه لا لي ولا علي ؟ .

                                                                                      محمد بن عبد الرحمن العلاف ، عن محمد بن سواء : سمعت هشام بن حسان يقول لأصحاب الحديث : لوددت أني قارورة حتى كنت أقطر في حلق كل واحد منكم .

                                                                                      عفان ، عن معاذ بن معاذ ، قال عمرو بن عبيد : لم أر هشاما عند الحسن قط ، ولا جاء معنا عند الحسن قط . قال : وقال أشعث : ما رأيت هشاما عند الحسن ، ولا ولا . . فقلت له : يا أبا هانئ ، إن عمرو بن عبيد يقول هذا في هشام . وهشام صاحب سنة ، فلا تعن عمرا عليه . قال : فكف عنه .

                                                                                      قال يحيى بن آدم : حدثنا أبو شهاب ، قال لي شعبة : عليك بحجاج ، ومحمد بن إسحاق ، فإنهما حافظان ، واكتم علي عند البصريين في خالد الحذاء وهشام . قلت : لم يتابع شعبة على رأيه هذا أحد .

                                                                                      قال حماد بن زيد : سمع عمرو بن الحجاج هشام بن حسان يحدث عن الحسن عن عمران قال : اكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا ، فقال : إنما قال : فما [ ص: 362 ] أفلحن ، ولا أنجحن .

                                                                                      وهب بن جرير ، عن أبيه قال : جلست إلى الحسن سبع سنين لم أخرم منه يوما واحدا أصوم وأذهب إليه ، ما رأيت هشاما عنده قط .

                                                                                      قلت : هشام قد قفز القنطرة واستقر توثيقه ، واحتج به أصحاب الصحاح ، وله أوهام مغمورة في سعة ما روى . ولا شك أن يونس وابن عون أحفظ منه وأتقن ، كما أنه أحفظ من ابن إسحاق ، ومحمد بن عمرو وأتقن .

                                                                                      قال أبو نعيم ، وابن معين ، وأبو بكر بن أبي شيبة : مات سنة ست وأربعين ومائة .

                                                                                      وقال يحيى القطان ، وابن بكير : مات سنة سبع . وقال مكي بن إبراهيم ، وأبو عيسى الترمذي : مات في أول يوم من صفر سنة ثمان وأربعين ومائة وهذا أصح .

                                                                                      أخبرنا عمر بن عبد المنعم ، عن أبي اليمن الكندي ، وكتب إلي أحمد بن عبد السلام التميمي ، والخضر بن حمويه وطائفة ، قالوا : أنبأنا عمر بن طبرزذ ، وأنبأنا المؤمل بن محمد وجماعة ، قالوا : أنبأنا الكندي ، وأنبأنا المقداد بن هبة الله ، أنبأنا عبد العزيز بن الأخضر ، وأنبأنا يحيى بن أبي منصور ، أنبأنا عبد العزيز بن منينا ، وزيد بن الحسن اللغوي ، قالوا أربعتهم : أنبأنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أنبأنا إبراهيم بن عمر الفقيه حضورا ، [ ص: 363 ] أنبأنا أبو محمد بن ماسي ، أنبأنا أبو مسلم الكجي ، حدثنا الأنصاري ، حدثنا هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الترجل إلا غبا أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ، من طريق يحيى القطان وعيسى بن يونس ، عن هشام نحوه .

                                                                                      وله علة ، فقد رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن مرسلا ورواه بشر بن المفضل ، عن يونس ، عن الحسن ، وابن سيرين قولهما ، وهذا أقوى .

                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن محمد في كتابه ، أنبأنا عمر بن محمد ، أنبأنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن غيلان ، أنبأنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن مسلمة ، حدثنا يزيد ، أخبرنا هشام بن حسان ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من نسي وهو صائم ، ثم أكل وشرب ، فإنما أطعمه الله وسقاه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية