الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 95 ] نافع ( ع )

                                                                                      الإمام المفتي الثبت ، عالم المدينة ، أبو عبد الله القرشي ، ثم العدوي العمري ، مولى ابن عمر وراويته .

                                                                                      روى عن ابن عمر ، وعائشة ، وأبي هريرة ، ورافع بن خديج ، وأبي سعيد الخدري ، وأم سلمة ، وأبي لبابة بن عبد المنذر ، وصفية بنت أبي عبيد زوجة مولاه ، وسالم وعبد الله وعبيد الله وزيد أولاد مولاه ، وطائفة .

                                                                                      وعنه الزهري ، وأيوب السختياني ، وعبيد الله بن عمر ، وأخوه عبد الله وزيد بن واقد ، وحميد الطويل ، وأسامة بن زيد ، وابن جريج ، وعقيل وبكير بن عبد الله بن الأشج ، وابن عون ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد ويونس بن عبيد ، ويونس بن يزيد ، وإسماعيل بن أمية ، وابن عمه أيوب بن موسى ، ورقبة بن مصقلة ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وحفص بن عنان اليمامي ، وخالد بن زياد الترمذي متأخر ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ، وعبد الله بن سليمان الطويل ، وعبد الحميد بن جعفر ، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وعبد العزيز بن أبي رواد وعمر ، وأبو بكر ، ولدا نافع ، ومحمد بن إسحاق ، وابن أبي ذئب ، وابن أبي ليلى ومحمد بن عجلان ، والزبيدي ، وشعيب بن أبي حمزة ، وأبو معشر نجيح ، وهشام بن الغاز ، وهمام بن يحيى ، وهشام بن سعد ، وحميد بن زياد ، وحجاج بن أرطاة ، والأوزاعي ، والضحاك بن عثمان ، [ ص: 96 ] ومالك بن مغول ، وزيد ، وعاصم ، وواقد ، وأبو بكر ، وعمر بنو محمد بن زيد العمري ، وجرير بن حازم ، وجويرية بن أسماء ، وفليح بن سليمان ، ومالك ، والليث ، ونافع بن أبي نعيم ، وخلق سواهم .

                                                                                      أخبرنا علي بن أحمد العلوي ، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ، أخبرنا محمد بن عبيد الله الكتبي ، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا خلف بن هشام البزار سنة ست وعشرين ومائتين ، حدثنا القطاف بن خالد المخزومي ، حدثنا نافع أنه أقبل مع ابن عمر من مكة ، حتى إذا كان ببعض الطريق لقيه خبر من امرأته أنها بالموت ، وكان إذا نودي للمغرب نزل مكانه ، فصلى ، فلما كانت تلك العشية نودي بالمغرب ، فسار حتى أمسى ، وظننا أنه نسي ، فقلنا : الصلاة ، فسار حتى إذا كاد الشفق يغيب نزل ، فصلى المغرب ، وغاب الشفق ، فصلى العتمة ، ثم أقبل علينا فقال : هكذا كنا نصنع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جد به السير أخرجه النسائي عن قتيبة عن العطاف فوقع بدلا عاليا .

                                                                                      قال النسائي : أول طبقة من أصحاب نافع : أيوب وعبيد الله ومالك .

                                                                                      الطبقة الثانية صالح بن كيسان ، وابن عون ، وابن جريج ، ويحيى بن سعيد .

                                                                                      الثالثة : موسى بن عقبة ، وإسماعيل بن أمية ، وأيوب بن موسى .

                                                                                      الرابعة : يونس بن يزيد ، وجويرية بن أسماء ، والليث .

                                                                                      الخامسة : ابن عجلان ، وابن أبي ذئب ، والضحاك بن عثمان .

                                                                                      السادسة : سليمان بن موسى ، وبرد بن سنان ، وابن أبي رواد .

                                                                                      [ ص: 97 ] السابعة : عبد الرحمن السراج ، وعبيد الله بن الأخنس .

                                                                                      الثامنة : ابن إسحاق ، وأسامة بن زيد ، وعمر بن محمد ، وصخر بن جويرية ، وهمام بن يحيى ، وهشام بن سعد .

                                                                                      التاسعة : ليث بن أبي سليم ، وحجاج بن أرطاة ، وأشعث بن سوار ، وعبد الله بن عمر .

                                                                                      العاشرة : إسحاق بن أبي فروة ، وأبو معشر ، وعبد الله بن نافع ، وعثمان البري وطائفة .

                                                                                      قال البخاري : أصح الأسانيد : مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                                                      قال عبيد الله بن عمر : بعث عمر بن عبد العزيز نافعا مولى ابن عمر إلى أهل مصر يعلمهم السنن .

                                                                                      الأصمعي حدثنا العمري عن نافع قال : دخلت مع مولاي على عبد الله بن جعفر ، فأعطاه في اثني عشر ألفا ، فأبى وأعتقني ، أعتقه الله .

                                                                                      وروى زيد بن أبي أنيسة ، عن نافع قال : سافرت مع ابن عمر بضعا وثلاثين حجة وعمرة ، قال أحمد بن حنبل : إذا اختلف سالم ونافع ما أقدم عليهما .

                                                                                      قال ابن وهب : قال مالك : كنت آتي نافعا ، وأنا حدث السن ، ومعي غلام لي فيقعد ويحدثني ، وكان صغير النفس ، وكان في حياة سالم لا يفتي شيئا .

                                                                                      [ ص: 98 ] مطرف بن عبد الله ، عن مالك قال : كان في نافع حدة ، ثم حكى مالك أنه كان يلاطفه ويداريه ، ويقال : كان في نافع لكنة وعجمة .

                                                                                      قال إسماعيل بن أمية : كنا نرد على نافع اللحن فيأبى .

                                                                                      وروى محمد بن عمر الواقدي عن جماعة قالوا : كان كتاب نافع الذي سمعه من ابن عمر صحيفة ، فكنا نقرؤها .

                                                                                      قال يونس بن يزيد : قال نافع : من يعذرني من زهريكم ، يأتيني فأحدثه عن ابن عمر ، ثم يذهب إلى سالم ، فيقول : هل سمعت هذا من أبيك ؟ فيقول : نعم ، فيحدث به عن سالم ويدعني ، والسياق من عندي .

                                                                                      ابن وهب ، عن مالك : كنت آتي نافعا ، وأنا غلام حديث السن ، فينزل ويحدثني ، وكان يجلس بعد الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد ، فإذا طلعت الشمس ، خرج ، وكان يلبس كساء ، وربما وضعه على فمه لا يكلم أحدا ، وكنت أراه بعد صلاة الصبح يلتف بكساء له أسود .

                                                                                      إسماعيل بن أبي أويس ، عن أبيه : كنا نختلف إلى نافع ، وكان سيئ الخلق ، فقلت : ما أصنع بهذا العبد ؟ فتركته ولزمه غيري ، فانتفع به .

                                                                                      معمر ، كان أيوب السختياني يحدثنا عن نافع ، ونافع حي . وقال مالك : إذا قال نافع شيئا ، فاختم عليه .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن خراش : نافع ثقة نبيل . وروى أيوب أن عمر بن عبد العزيز ولى نافعا صدقات اليمن . [ ص: 99 ]

                                                                                      ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني نافع بن أبي نعيم ، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، وابن أبي فروة قالوا : كان كتاب نافع الذي سمعه من ابن عمر في صحيفة ، فكنا نقرؤها عليه ، فيقول : يا أبا عبد الله ! أتقول : حدثنا نافع ؟ فيقول : نعم الأصمعي ، عن نافع بن أبي نعيم ، عن نافع أنه قيل له : قد كتبوا علمك ، قال : كتبوا ؟ قيل : نعم ، قال : فليأتوا به حتى أقومه .

                                                                                      عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن أبيه ، عن نافع ، أنه لما احتضر بكى ، فقيل : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت سعدا وضغطة القبر .

                                                                                      قال حماد بن زيد وجماعة : توفي نافع سنة سبع عشرة ومائة وشذ الهيثم بن عدي ، وأبو عمر الضرير ، فقالا : مات سنة عشرين ومائة .

                                                                                      قال إسماعيل بن أمية : كنا نرد نافعا عن اللحن فيأبى ، ويقول : لا إلا الذي سمعته .

                                                                                      وقد اختلف في محتد نافع على أقوال : فقيل : هو بربري . وقيل : نيسابوري . وقيل : ديلمي . وقيل : طالقاني . وقيل : كابلي . والأرجح أنه فارسي المحتد في الجملة .

                                                                                      قال النسائي : أثبت أصحاب نافع : مالك ، ثم أيوب ، ثم عبيد الله ، ثم يحيى بن سعيد ، ثم ابن عون ، ثم صالح بن كيسان ، ثم موسى بن عقبة ، ثم ابن [ ص: 100 ] جريج ، ثم كثير بن فرقد ، ثم الليث بن سعد .

                                                                                      وقد اختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث ، وسالم أجل منه ، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب . وبلغنا أنهم تذاكروا حديث إتيان الدبر الذي تفرد به نافع عن مولاه ، فقال ميمون بن مهران : إنما قال هذا نافع بعدما كبر وذهب عقله . وروي أن سالما قالوا له : هذا عن نافع ، فقال : كذب العبد ، أو أخطأ العبد ، إنما كان ابن عمر يقول : يأتيها مقبلة ومدبرة في الفرج .

                                                                                      وعن أبي إبراهيم المنذر الحزامي قال : ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحدا ، أتاه رجل ، فقال : يا أبا المنذر ! نافع مولى ابن عمر يفضل أباك عروة على أخيه عبد الله بن الزبير ، فقال : كذب عدو الله ، وما يدري نافع عاض بظر أمه ! عبد الله خير والله وأفضل من عروة .

                                                                                      قلت : وقد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء ، ما جاء عنه بالرخصة فلو صح لما كان صريحا ، بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل ، وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد ، لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك . [ ص: 101 ]

                                                                                      قد ذكرنا أن الأصح وفاة نافع سنة سبع عشرة ومائة وقال ابن عيينة وأحمد بن حنبل : سنة تسع عشرة ومائة .

                                                                                      وقول ميمون بن مهران : كبر وذهب عقله ، قول شاذ ، بل اتفقت الأمة على أنه حجة مطلقا .

                                                                                      قال ابن سعد : كان ثقة ، كثير الحديث .

                                                                                      وقال العجلي والنسائي : مدني ثقة .

                                                                                      وقال ابن خراش : ثقة نبيل .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية