الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 5 ] معمر بن راشد ( ع )

                                                                                      الإمام الحافظ ، شيخ الإسلام أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي ، مولاهم البصري ، نزيل اليمن .

                                                                                      مولده سنة خمس أو ست وتسعين وشهد جنازة الحسن البصري ، وطلب العلم وهو حدث .

                                                                                      حدث عن : قتادة ، والزهري ، وعمرو بن دينار ، وهمام بن منبه ، وأبي إسحاق السبيعي ، ومحمد بن زياد القرشي ، وعمار بن أبي عمار المكي ، وعبد الله بن طاوس ، ومطر الوراق ، وعبد الله أخي الزهري ، والجعد أبي عثمان ، وسماك بن الفضل ، وإسماعيل بن أمية ، وعبد الكريم الجزري ، وعاصم الأحول ، وثابت البناني ، وعاصم بن أبي النجود ، ويحيى بن أبي كثير ، [ ص: 6 ] ومنصور بن المعتمر ، وسليمان الأعمش ، وزيد بن أسلم ، وأيوب السختياني ، وزياد بن علاقة ، ومحمد بن المنكدر وطبقتهم ، وكان من أوعية العلم ، مع الصدق والتحري ، والورع والجلالة ، وحسن التصنيف .

                                                                                      حدث عنه : أيوب ، وأبو إسحاق ، وعمرو بن دينار ، وطائفة من شيوخه ، وسعيد بن أبي عروبة ، والسفيانان ، وابن المبارك ، ويزيد بن زريع ، وغندر وابن علية ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهشام بن يوسف قاضي صنعاء ، وأبو سفيان محمد بن حميد ، ومروان بن معاوية ، ورباح بن زيد ، ومحمد بن عمر الواقدي ، وعبد الرزاق بن همام ، ومحمد بن كثير الصنعانيان ، ومحمد بن ثور ، وخلق سواهم .

                                                                                      وآخر أصحابه موتا محمد بن كثير ، بقي إلى آخر سنة ست عشرة ومائتين .

                                                                                      قال أحمد بن ثابت ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : خرجت وأنا غلام إلى جنازة الحسن ، وطلبت العلم سنة مات الحسن .

                                                                                      قال البخاري : وقال محمد بن كثير ، عن معمر ، قال : سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فما شيء سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري .

                                                                                      يعقوب بن شيبة : حدثني جعفر بن محمد ، حدثنا ابن عائشة ، حدثني عبد الواحد بن زياد ، قلت لمعمر : كيف سمعت من ابن شهاب ؟ قال : كنت مملوكا لقوم من طاحية فأرسلوني ببز أبيعه ، فقدمت المدينة ، فنزلت [ ص: 7 ] دارا ، فرأيت شيخا والناس حوله يعرضون عليه العلم ، فعرضت عليه معهم .

                                                                                      قال أبو أحمد الحاكم : روى عن معمر شعبة والثوري .

                                                                                      أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرزاق ، قال معمر : جئت الزهري بالرصافة فجعل يلقي علي .

                                                                                      وقال هشام بن يوسف : عرض معمر على همام بن منبه هذه الأحاديث . النسائي في " الكنى " : أنبأنا علي بن سعيد ، سمعت أحمد يقول : ما أضم أحدا إلى معمر إلا وجدت معمرا أطلب للحديث منه ، هو أول من رحل إلى اليمن .

                                                                                      حنبل : سمعت عليا يقول : نظرت في الأصول من الحديث ، فإذا هي عند ستة ممن مضى : من أهل المدينة الزهري ، ومن أهل مكة عمرو بن دينار ، ومن أهل البصرة قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، ومن أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش ، ثم نظرت فإذا حديث هؤلاء الستة يصير إلى أحد عشر رجلا : سعيد بن أبي عروبة ، وحماد بن سلمة ، وشعبة ، والثوري ، وابن جريج ، وأبي عوانة ، ومالك ، وابن عيينة ، وهشيم ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي .

                                                                                      قال أبو حفص الفلاس : معمر من أصدق الناس . سمعت يزيد بن زريع ، سمعت أيوب - قبل الطاعون - يقول : حدثني معمر ، وقال ابن عيينة : قال لي ابن أبي عروبة : روينا عن معمركم فشرفناه .

                                                                                      وقال الحميدي : قيل لابن عيينة : أهذا الحديث مما حفظت عن معمر ؟

                                                                                      قال : نعم . رحم الله أبا عروة . عبد الله بن جعفر الرقي : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، قال : كنت بالبصرة [ ص: 8 ] مع أيوب ، ومعنا معمر في مسجد ، فأتى رجل ، فسأل أيوب عن رجل افترى على رجل ، فحلف بصدقة ماله لا يدعه حتى يأخذ منه الحد . قال : فطلب إليه فيه ، وطلبت إليه أمه فيه ، فجعل أيوب يومئ إلى معمر ، ويقول : هذا يفتيك عن اليمين . قال . فلما أكثر عليه ، قال معمر : سمعت ابن طاوس عن أبيه أنه يرخص في تركه ، قال أيوب : وأنا سمعت عطاء يرخص في تركه .

                                                                                      قال عبيد الله بن عمرو الرقي : كنت بالبصرة أنتظر قدوم أيوب من مكة ، فقدم علينا مزاملا لمعمر بن راشد ، قدم معمر يزور أمه .

                                                                                      قال عبد الرزاق : قيل للثوري : ما منعك من الزهري ؟ قال : قلة الدراهم وقد كفانا معمر .

                                                                                      قال الواقدي : كنت أكون مع معمر ومعنا الثوري ، فنخرج من عند أبى عروة فنحدث عنه .

                                                                                      أحمد في " مسنده " قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : قال ابن جريج : إن معمرا شرب من العلم بأنقع . قال ابن قتيبة : الأنقع جمع نقع ، وهو هاهنا ما يستنقع .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : معمر ثقة ، رجل صالح بصري ، سكن صنعاء ، وتزوج بها ، ورحل إليه سفيان الثوري .

                                                                                      قال يحيى بن معين : قال هشام بن يوسف : أقام معمر عندنا عشرين سنة ما رأينا له كتابا . يعني كان يحدثهم من حفظه .

                                                                                      قال ابن معين : بلغني أن أيوب شيع معمرا وصنع له سفرة . [ ص: 9 ] سلمة بن شبيب : حدثنا عبد الرزاق : سمعت ابن المبارك يقول : إني لأكتب الحديث من معمر وقد سمعته من غيره ، قال : وما يحملك على ذلك ؟

                                                                                      قال : أما سمعت قول الراجز :


                                                                                      قد عرفنا خيركم من شركم

                                                                                      وقال عبد الرزاق : قال لي مالك : نعم الرجل كان معمر لولا روايته التفسير عن قتادة .

                                                                                      قلت : يظهر على مالك - الإمام - إعراض عن التفسير ، لانقطاع أسانيد ذلك ، فقلما روى منه . وقد وقع لنا جزء لطيف من التفسير منقول عن مالك .

                                                                                      قال علي : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : اثنان إذا كتب حديثهما هكذا رأيت فيه . . . وإذا انتقيتهما كانت حسانا : معمر ، وحماد بن سلمة .

                                                                                      محمد بن أحمد المقدمي : حدثنا أبي : سمعت علي بن المديني يقول : جمع لمعمر من الإسناد ما لم يجمع لأحد من أصحابه : أيوب وقتادة بالبصرة ، وأبو إسحاق والأعمش بالكوفة ، والزهري وعمرو بن دينار بالحجاز ، ويحيى بن أبي كثير .

                                                                                      الرمادي : حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، قال : حدثت يحيى بن أبي كثير بأحاديث ، فقال : اكتب حديث كذا وكذا . فقلت أما تكره أن تكتب العلم يا أبا نصر ؟ فقال : اكتبه لي ، فإن لم تكن كتبت ، فقد ضيعت ، أو قال : عجزت .

                                                                                      قال محمد بن عوف الحمصي : حدثنا محمد بن رجاء ، أنبأنا عبد الرزاق ، سمعت ابن جريج يقول : عليكم بهذا الرجل - يعني معمرا - فإنه لم يبق في زمانه أعلم منه . [ ص: 10 ]

                                                                                      قال أحمد العجلي : لما دخل معمر صنعاء ، كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم ، فقال لهم رجل : قيدوه . قال : فزوجوه .

                                                                                      وقال الفضل بن زياد : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لست تضم معمرا إلى أحد إلا وجدته فوقه .

                                                                                      قال عثمان بن سعيد : قلت لابن معين : ابن عيينة أحب إليك أو معمر ؟ قال : معمر ، قلت : فمعمر ، أم صالح بن كيسان ؟ قال : معمر إلي أحب ، وصالح ثقة . قلت : فمعمر ، أو يونس ؟ قال : معمر . قلت : فمعمر أو مالك ؟ قال : مالك . قلت له : إن بعض الناس يقولون : ابن عيينة أثبت الناس في الزهري . فقال : إنما يقول ذلك من سمع منه ، وأي شيء كان سفيان ؟ إنما كان غليما . يعني أمام الزهري .

                                                                                      قال المفضل الغلابي : سمعت يحيى يقدم مالكا على أصحاب الزهري ، ثم معمرا ، ثم يونس . وكان القطان : يقدم ابن عيينة على معمر . عثمان بن أبي شيبة : سألت يحيى القطان من أثبت في الزهري ؟ قال : مالك ، ثم ابن عيينة ، ثم معمر .

                                                                                      وقال الذهلي : قلت لابن المديني : محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أحب إليك ، أم معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ؟ قال : محمد أشهر ، وهذا أقوى .

                                                                                      وقال ابن أبي خيثمة : سمعت ابن معين يقول : إذا حدثك معمر عن العراقيين ، فخافه إلا عن ابن طاوس ، والزهري ، فإن حديثه عنهما مستقيم ، [ ص: 11 ] فأما أهل الكوفة والبصرة فلا وما عمل في حديث الأعمش شيئا ، وحديثه عن ثابت وعاصم وهشام بن عروة مضطرب كثير الأوهام .

                                                                                      يعقوب الفسوي : حدثنا زيد بن المبارك ، عن محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : سقطت مني صحيفة الأعمش ، فإنما أتذكر حديثه ، وأحدث من حفظي .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة حدثنا أحمد بن العباس ، سمعت يحيى بن معين يقول : سمعت أنه كان زوج أخت امرأة معمر مع معن بن زائدة ، فأرسلت إليها أختها بدانجوج ، فعلم بذلك معمر بعد ما أكل ، فقام ، فتقيأ . أحمد بن شبويه : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أكل معمر من عند أهله فاكهة ، ثم سأل ، فقيل : هدية من فلانة النواحة . فقام فتقيأ . وبعث إليه معن والي اليمن بذهب فرده ، وقال لأهله : إن علم بهذا غيرنا لم يجتمع رأسي ورأسك أبدا .

                                                                                      قال مؤمل بن يهاب قال عبد الرزاق : كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث .

                                                                                      قال عبد الرزاق : ما نعلم أحدا عف عن هذا المال إلا الثوري ومعمرا . وبلغنا أن سفيان الثوري قال مرة : حدثنا أبو عروة ، عن أبي الخطاب ، عن أبي حمزة ، فذكر حديثا ، فقل من فطن له ، وإنما هو معمر ، عن قتادة ، عن أنس . [ ص: 12 ] ومع كون معمر ثقة ثبتا ، فله أوهام ، لا سيما لما قدم البصرة لزيارة أمه ، فإنه لم يكن معه كتبه ، فحدث من حفظه ، فوقع للبصريين عنه أغاليط ، وحديث هشام وعبد الرزاق عنه أصح ; لأنهم أخذوا عنه من كتبه ، والله أعلم . أخبرنا محمد بن جوهر المقرئ ، أنبأنا يوسف بن خليل ، أنبأنا مسعود الصالحاني ( ح ) وأنبأنا أحمد بن سلامة ، عن مسعود ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم ، فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " .

                                                                                      وبه : عن معمر عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء " .

                                                                                      وبه : عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " العين حق ، ونهى عن الوشم " [ ص: 13 ] وبه : عن معمر ، عن همام : سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا ينظر إلى المسبل " . - يعني إزاره وبه : عن معمر ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن أبي مسعود الأنصاري ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت " .

                                                                                      أخبرنا الحسن بن علي ، أنبأنا سالم بن صصري ، أنبأنا أبو الفتح بن شاتيل ، أنبأنا الحسين بن علي ، أنبأنا عبد الله بن عبد الجبار ، أنبأنا إسماعيل بن محمد ، أنبأنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال : لما بعث معاوية ببيعة ابنه يزيد إلى المدينة ، كتب إليهم : إنه ليس عليكم أمير ، فمن أحب أن يقدم علي فليفعل .

                                                                                      قال : فخرج [ ص: 14 ] عمرو وعمارة ابنا حزم ، فدخل عليه عمرو ، فقال : يا معاوية ! إنه قد كان لمن قبلك بنون ، فلم يصنعوا كما صنعت ، وإنما ابنك فتى من فتيان قريش . . . فنال منه .

                                                                                      فبكى معاوية ، ثم عرق فأروح فقال : إنما أنت رجل قلت برأيك بالغا ما بلغ ، وإنما هو ابني وأبناؤهم ، فابني أحب إلي من أبنائهم ، ارفع حاجتك . قال : ما لي حاجة . فلقيه أخوه عمارة ، فأخبره الخبر ، فقال عمارة : إنا لله ، ألهذا جئنا نضرب أكبادها من المدينة ؟ ! قال : فأته ، قال : فإنه ليكلمه ، إذ جاء رسول معاوية إلى عمارة : ارفع حاجتك وحاجة أخيك . قال : ففعل ، فقضاها .

                                                                                      لم يقع لنا حديث معمر أعلى من مثل هذا ، وحديثه وافر في الكتب الستة ، وفي " مسند أحمد " ، ومعاجم الطبراني ، ووقع لي من " جامعه " الجزء الأول والثاني والثالث .

                                                                                      قال الفسوي في " تاريخه " : سمعت زيد بن المبارك الصنعاني يقول : مات معمر في شهر رمضان ، سنة اثنتين وخمسين ومائة كذا قال ، بل قال إبراهيم بن خالد الصنعاني ، فيما رواه عن ابن راهويه : مات معمر في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائة ، فصليت عليه . وكذا ورخه في سنة ثلاث أحمد ، وأبو عبيد ، وشباب ، والفلاس .

                                                                                      وقال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت أحمد وابن معين يقولان : مات سنة [ ص: 15 ] أربع وخمسين . وكذا أرخ الهيثم بن عدي ، وعلي بن المديني ، فالله أعلم .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : عاش ثمانيا وخمسين سنة . قرأت على علي بن محمد الفقيه ، أخبركم محمد بن إبراهيم ، وقرأت على أحمد بن عبد الرحمن ، أخبركم البهاء عبد الرحمن ، قالا : أخبرتنا شهدة الكاتبة أنبأنا أبو عبد الله بن طلحة ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أبان ، عن بعضهم ، قال : من سلم على سبعة فهو كعتق رقبة .

                                                                                      وبه : أنبأنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن جده

                                                                                      قال : كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل : أن علم الناس ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فجمعهم ، فقال : إني سمعت رسول الله يقول : " تعلموا القرآن ، فإذا علمتموه فلا تغلوا فيه ، ولا تجفوا عنه ، ولا تأكلوا به ، ولا تستكثروا به . . . " الحديث . [ ص: 16 ] وبه : أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعد ، والقليل على الكثير " .

                                                                                      وبه : عن معمر ، عن قتادة قال : كان نقش خاتم أبي موسى : أسد بين رجلين ، وكان نقش خاتم أبي عبيدة : الخمس لله ، وكان نقش خاتم أنس : كركي له رأسان .

                                                                                      وبه : عن معمر ، أن عبد الله بن محمد بن عقيل أخرج خاتما ، زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتختم به ، فيه تمثال أسد ، فرأيت بعض القوم غسله بالماء ثم شربه . إسناده مرسل .

                                                                                      أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن ، أنبأنا أبو محمد بن قدامة ، أنبأنا أبو الفتح بن البطي أنبأنا علي بن محمد بن محمد الخطيب ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود : أن رجلا مر برجل وهو ساجد ، فوطئ على رقبته ، فقال : ويحك ، [ ص: 17 ] أتطأ على رقبتي وأنا ساجد ! ؟ لا والله لا يغفر الله لك هذا أبدا ، فقال الله : أيتألى علي ؟ فإني قد غفرت له .

                                                                                      وبه : أنبأنا معمر ، عن رجل من قريش رفع الحديث ، قال : يقول الله : " إن أحب عبادي إلي الذين يتحابون في ، والذين يعمرون مساجدي ، والذين يستغفرون بالأسحار ، أولئك الذين إذا أردت بخلقي عذابي ذكرتهم فصرفت عذابي عن خلقي " .

                                                                                      قال أبو محمد بن حميد المعمري : قال معمر : لقد طلبنا هذا الشأن وما لنا فيه نية ، ثم رزقنا الله النية من بعد .

                                                                                      وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر قال : كان يقال : إن الرجل يطلب العلم لغير الله ، فيأبى عليه العلم حتى يكون لله .

                                                                                      قلت : نعم ، يطلبه أولا ، والحامل له حب العلم ، وحب إزالة الجهل عنه ، وحب الوظائف ، ونحو ذلك . ولم يكن علم وجوب الإخلاص فيه ، ولا صدق النية ، فإذا علم ، حاسب نفسه ، وخاف من وبال قصده ، فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها ، وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم . وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى وحب المناظرة ، ومن قصد التكثر بعلمه ، ويزري على نفسه ، فإن تكثر بعلمه ، أو قال : أنا أعلم من فلان فبعدا له

                                                                                      قال هشام بن يوسف القاضي : عرض معمر على همام بن منبه هذه الأحاديث ، وسمع منها سماعا نحوا من ثلاثين حديثا .

                                                                                      قال أحمد بن زهير : سمعت ابن معين يقول : لما دخل الثوري اليمن ، [ ص: 18 ] أتاه معمر يسلم عليه ، فحدث يوما بحديث عن عبد الله بن محمد بن عقيل : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين وهو حديث يخطئ ابن عقيل فيه ، فقال له سفيان : يا أبا عروة تعست ، فغضب معمر من ذاك ، فما أتى سفيان ، فما أتاه حتى خرج ولا سلم عليه . ومات في سنة ثلاث وخمسين أسامة بن زيد الليثي ، وأبان بن صمعة وثور بن يزيد ، والحسن بن عمارة ، وفطر بن خليفة وهشام بن الغاز .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية