الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      سويد بن سعيد ( م ، ق )

                                                                                      ابن سهل بن شهريار ، الإمام المحدث الصدوق ، شيخ المحدثين ، [ ص: 411 ] أبو محمد الهروي ثم الحدثاني الأنباري ، نزيل حديثة النورة بليدة تحت عانة ، وفوق الأنبار ، رحال جوال ، صاحب حديث وعناية بهذا الشأن .

                                                                                      لقي الكبار ، وحدث عن : مالك بن أنس ب " الموطأ " ، وحماد بن زيد ، وعمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ، وعبد الرحمن بن أبي الرجال ، وشريك القاضي ، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي ، وسوار بن مصعب ، وأبي الأحوص ، وحفص بن ميسرة الصنعاني ، وعبد ربه بن بارق ، ومسلم الزنجي ، وإبراهيم بن سعد ، وخالد بن يزيد بن أبي مالك ، وفضيل بن عياض ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وبقية بن الوليد ، وسفيان بن عيينة ، وعلي بن مسهر ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، والدراوردي ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، وفرج بن فضالة ، وخلق كثير بالحرمين والشام والعراق ومصر .

                                                                                      روى عنه : مسلم ، وابن ماجه ، وبقية شيخه ، وأبو عبد الرحمن المقرئ ، ومحمد بن سعد ، وأحمد بن الأزهر ، وأبو زرعة ، وبقي بن مخلد ، وأبو حاتم ، ويعقوب بن شيبة ، وإبراهيم بن هانئ ، وعبيد العجل ، والحسن المعمري ، وإسحاق المنجنيقي ، وجعفر الفريابي ، وأحمد بن محمد بن الجعد الوشاء راوي " الموطأ " عنه ، وسعيد بن عبد الله بن عجب الأنباري ، وعبد الله بن أحمد ، والقاسم المطرز ، وأبو القاسم البغوي ، وأبو بكر الباغندي ، وآخرون .

                                                                                      قال عبد الله بن أحمد : عرضت على أبي أحاديث لسويد بن سعيد ، عن [ ص: 412 ] ضمام بن إسماعيل ، فقال لي : اكتبها كلها ، أو قال : تتبعها ; فإنه صالح ، أو قال : ثقة .

                                                                                      قال الحسن الميموني : سأل رجل أبا عبد الله ، يعني : أحمد ، عن سويد ، فقال : ما علمت إلا خيرا . فقال له إنسان جاءه بكتاب فضائل ، فجعل عليا - رضي الله عنه - [ أولها ] وأخر أبا بكر وعمر . فعجب أبو عبد الله من هذا ، وقال : لعله أتي من غيره . قالوا له : وثم تلك الأشياء ؟ قال : فلم تسمعونها أنتم ؟ لا تسمعوها ، ولم أره يقول فيه إلا خيرا .

                                                                                      وقال أبو القاسم البغوي : كان سويد من الحفاظ ، وكان أحمد بن حنبل ينتقي عليه لولديه صالح وعبد الله يختلفان إليه ، فيسمعان منه .

                                                                                      وقال أبو داود : سمعت يحيى بن معين ، يقول : سويد مات منذ حين .

                                                                                      قلت : عنى أنه مات ذكره للينه ، وإلا فقد بقي سويد بعد يحيى سبع سنين .

                                                                                      قال : وسمعت يحيى ، يقول : هو حلال الدم . وسمعت أحمد يقول : هو لا بأس به ، أرجو أن يكون صدوقا .

                                                                                      وقال محمد بن يحيى السوسي الخزاز : سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد ، فقال : ما حدثك فاكتب عنه . وما حدث به تلقينا فلا . أي : إنه كان يقبل التلقين .

                                                                                      وقال عبد الله بن علي بن المديني : سئل أبي عن سويد الأنباري فحرك [ ص: 413 ] رأسه ، وقال : ليس بشيء . وقال : هذا أحد رجلين : إما يحدث من حفظه ، أو من كتابه . ثم قال : هو عندي لا شيء . قيل له : فأين حفظه ثلاثة آلاف ؟ قال : هذا أيسر ، تكرر عليه .

                                                                                      وقال يعقوب السدوسي : صدوق مضطرب الحفظ ; لا سيما بعدما عمي .

                                                                                      وقال أبو حاتم : صدوق . يدلس ، ويكثر ذلك .

                                                                                      وقال البخاري : كان قد عمي ، فتلقن ما ليس من حديثه .

                                                                                      وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون .

                                                                                      أخبرني سليمان بن الأشعث ، سمعت يحيى بن معين ، يقول : سويد بن سعيد حلال الدم .

                                                                                      وقال صالح جزرة : صدوق عمي ، فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه .

                                                                                      وقال الحاكم أبو أحمد : عمي في آخر عمره ، فربما لقن ما ليس من حديثه . فمن سمع منه وهو بصير ، فحديثه عنه أحسن .

                                                                                      وقال أبو بكر الأعين : هو شيخ ، هو سداد من عيش .

                                                                                      وقال سعيد بن عمرو البرذعي : رأيت أبا زرعة يسيء القول في سويد بن سعيد ، وقال : رأيت منه شيئا لم يعجبني ، قلت : ما هو ؟ قال : لما قدمت من مصر ، مررت به ، فأقمت عنده ، فقلت : إن عندي أحاديث لابن وهب ، عن ضمام ، وليست عندك ، فقال : ذاكرني بها ، فأخرجت الكتب ، وأقبلت أذاكره ، فكلما كنت أذاكره ، كان يقول : حدثنا به ضمام وكان يدلس حديث حريز بن عثمان ، وحديث نيار بن مكرم ، وحديث عبد [ ص: 414 ] الله بن عمرو : زر غبا فقلت : أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة أحاديث من هؤلاء ، فغضب . قال البرذعي : فقلت لأبي زرعة : فأيش حاله ؟ قال : أما كتبه فصحاح ، وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها ، فأما إذا حدث من حفظه ، فلا . وقلنا لابن معين : إن سويدا يحدث عن ابن أبي الرجال ، عن ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من قال في ديننا برأيه فاقتلوه فقال يحيى : ينبغي أن يبدأ به فيقتل ، فقيل لأبي زرعة : سويد يحدث بهذا عن إسحاق بن نجيح فقال : هذا حديث إسحاق بن نجيح ; إلا أن سويدا أتى به عن ابن أبي الرجال ، قلت : فقد رواه لغيرك عن ابن نجيح ، قال : عسى قيل له فرجع .

                                                                                      ابن عدي : سمعت جعفرا الفريابي ، يقول : أفادني أبو بكر الأعين في قطيعة الربيع سنة إحدى وثلاثين بحضرة أبي زرعة ، وجمع من رؤساء [ ص: 415 ] أصحاب الحديث حين أردت أن أخرج إلى سويد ، فقال : وقفه ، وتثبت منه : هل سمعت هذا من عيسى بن يونس ؟ فقدمت على سويد ، فسألته ، فقال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : تفترق هذه الأمة بضعا وسبعين فرقة ، شرها قوم يقيسون الرأي ، يستحلون به الحرام ، ويحرمون به الحلال .

                                                                                      فوقفت سويدا عليه بعد أن حدثني به ، ودار بيني وبينه كلام كثير .

                                                                                      قال ابن عدي : فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد ، فتكلم الناس فيه من جراه ، ثم رواه رجل من أهل خراسان ، يقال له : الحكم بن المبارك ، يكنى أبا صالح الخواستي ويقال : إنه لا بأس به ، ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث ، منهم : عبد الوهاب بن الضحاك ، والنضر بن طاهر ، وثالثهم سويد الأنباري . ولسويد أحاديث كثيرة عن شيوخه ، روى عن مالك " الموطأ " ويقال : إنه سمعه خلف حائط فضعف في مالك أيضا ، وهو إلى الضعيف أقرب .

                                                                                      قال أبو بكر الإسماعيلي : في القلب من سويد من جهة التدليس ، وما ذكر عنه في حديث عيسى بن يونس الذي يقال : تفرد به نعيم . [ ص: 416 ]

                                                                                      قال حمزة السهمي : سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد ، فقال : تكلم فيه يحيى بن معين ، وقال : حدث عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

                                                                                      قال يحيى بن معين : وهذا باطل عن أبي معاوية ، لم يروه غير سويد . وجرح سويد لروايته لهذا الحديث .

                                                                                      قال الدارقطني : فلم نزل نظن أن هذا كما قال يحيى ، وأن سويدا أتى أمرا عظيما في رواية هذا ، حتى دخلت مصر ، فوجدت هذا الحديث في " مسند " أبي يعقوب المنجنيقي - وكان ثقة - رواه عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، فتخلص سويد . وصح الحديث عن أبي معاوية ، وقد حدث النسائي ، عن أبي يعقوب هذا .

                                                                                      قال البخاري : حديث سويد منكر .

                                                                                      وقد روى ابن الجوزي ، أن أحمد بن حنبل ، قال : هو متروك الحديث . فهذا النقل مردود لم يقله أحمد . [ ص: 417 ]

                                                                                      ومن مناكير سويد ، وهو مشهور عنه ، عن يزيد بن زريع ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قيل : يا رسول الله ، لو صليت على أم سعد ، فصلى عليها بعد شهر ، وكان غائبا وهذا لم يتابع سويد عليه .

                                                                                      سويد : حدثنا ابن عيينة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله مرفوعا : المهدي من ولد فاطمة .

                                                                                      رواه إسحاق المنجنيقي عنه ; وإنما روى الناس عن ابن عيينة بالإسناد : يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي .

                                                                                      أبو بكر الإسماعيلي : حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي من كتابه الأصل ، قال : حدثنا سويد ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، عن أبي بكر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى لأبي بكر .

                                                                                      قال الخطيب : لم يتابع سويد عليه .

                                                                                      روى الحسين بن فهم ، عن يحيى بن معين - وذكر سويدا - فقال : لا صلى الله عليه .

                                                                                      وقال أبو أحمد بن عدي في حديث : من قال في ديننا برأيه فاقتلوه . [ ص: 418 ] هذا الحديث الذي قال يحيى بن معين : لو وجدت درقة وسيفا ، لغزوت سويدا الأنباري .

                                                                                      وقال أبو عبد الله الحاكم : أنكر على سويد حديث : من عشق وعف وكتم ومات ، مات شهيدا ثم قال : فقال : إن يحيى لما ذكر له هذا ، قال : لو كان لي فرس ورمح ، غزوت سويدا .

                                                                                      وقال إبراهيم بن أبي طالب : قلت لمسلم : كيف استجزت الرواية عن سويد في " الصحيح " ؟ قال : فمن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة ؟ .

                                                                                      قلت : ما كان لمسلم أن يخرج له في الأصول ، وليته عضد أحاديث حفص بن ميسرة ، بأن رواها بنزول درجة أيضا .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن زينب الشعرية ، أخبرتنا فاطمة بنت زعبل ، أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا سويد ، حدثنا شهاب بن خراش ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما بعث الله نبيا إلا كان فيهم المرجئة والقدرية يشوشون عليه أمر أمته ، وإن الله لعنهم على لسان سبعين نبيا وهذا منكر . [ ص: 419 ]

                                                                                      ابن عدي : حدثنا الباغندي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا عبد الحصيد بن الحسن ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كل معروف صدقة ، وما أنفق الرجل على أهله ونفسه فهو صدقة ، وما وقى به عرضه فهو صدقة ، وما أنفق من نفقة ، فعلى الله خلفها ، إلا ما كان في بنيان أو معصية غريب جدا .

                                                                                      إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه : حدثنا محمد بن داود بن علي ، حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا علي بن مسهر ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مرفوعا ، قال : من عشق وكتم وعف وصبر ، غفر الله له ، وأدخله الجنة .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق القرافي ، أخبرنا المبارك بن أبي الجود ، أخبرنا أحمد بن أبي غالب الزاهد ، أخبرنا عبد العزيز بن علي ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا زياد بن الربيع ، عن صالح الدهان ، عن جابر بن زيد ، قال : نظرت في أعمال البر ، فإذا الصلاة تجهد البدن ، ولا تجهد المال ، وكذلك الصيام . قال : والحج يجهد المال والبدن ، فرأيت أن الحج أفضل من ذلك كله .

                                                                                      فضل الأعمال بعضها على بعض ، إنما هو التوقيف ، وورد في ذلك أحاديث عدة ، لكن إذا قلنا مثلا : أفضل الأعمال الصلاة ، فينبغي أن يعرف المقدار الذي هو من الصلاة أفضل من الحج مرة . وكذا إذا قلنا : الصلاة [ ص: 420 ] أفضل من الصوم ، وأمثال ذلك ، بل المسلمان يصومان يوما ، ويصليان ركعتين من النفل ، وبينهما من مضاعفة الثواب ما الله به عليم لما يقع في ذلك من الصفات .

                                                                                      قال البخاري : مات سويد يوم الفطر سنة أربعين ومائتين . بالحديثة .

                                                                                      قال البغوي : بلغ مائة سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية