الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      زهير بن معاوية ( ع )

                                                                                      ابن حديج بن الرحيل الحافظ ، الإمام ، المجود ، أبو خيثمة الجعفي ، الكوفي محدث الجزيرة وهو أخو حديج والرحيل . كان من أوعية العلم ، صاحب حفظ وإتقان . وسنة مولده في خمس وتسعين .

                                                                                      وحدث عن أبي إسحاق السبيعي ، وزبيد بن الحارث اليامي ، وزياد بن علاقة ، والأسود بن قيس ، وسماك بن حرب ، والحسن بن الحر ، ومنصور بن المعتمر ، وأبي الزبير المكي ، وحميد الطويل ، وسليمان الأعمش ، وأبان بن تغلب ، وعاصم بن بهدلة ، وعبيد الله بن عمر ، وكنانة مولى صفية حدثه عن أبي هريرة ، وقال : كنت ممن حمل الحسن بن علي جريحا من دار عثمان ، وقدت بصفية بنت حيي ، لترد عن عثمان ، فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها ، حتى مالت ، فقالت : ردوني لا يفضحني هذا [ ص: 182 ] الكلب ، قال : فوضعت خشبا بين منزلها وبين منزل عثمان ، تنقل عليه الطعام والشراب .

                                                                                      أنبأنا بهذا الفخر بن البخاري ، أخبرنا ابن طبرزد ، أخبرنا عبد الوهاب ، أخبرنا ابن هزارمرد ، أخبرنا ابن حبابة ، أخبرنا البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير ، عن كنانة ، فذكره .

                                                                                      وروى أيضا عن سهيل بن أبي صالح ، وهشام بن عروة ، وإبراهيم بن مهاجر ، وعروة بن عبد الله بن قشير ، وعبد العزيز بن رفيع ، وآخرين .

                                                                                      قال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : زهير أحفظ من إسرائيل ، وهما ثقتان .

                                                                                      قال ابن أبي خيثمة : وسمعت سعيد بن قديد ، سمعت شعيب بن حرب يقول : كنت مع زهير بن معاوية بالبصرة ، فقال : يا شعيب ، أنا لا أكتب حديثا إلا بنية . فأقمنا بالبصرة ، فما كتبنا إلا حديثا واحدا .

                                                                                      قال يحيى بن أيوب : سمعت حميدا الرؤاسي يقول : كان زهير إذا سمع الحديث من المحدث مرتين كتب عليه فرغت .

                                                                                      وقال معاذ بن معاذ : إذا سمعت الحديث من زهير لا أبالي أن لا أسمعه من سفيان الثوري .

                                                                                      وقال يحيى بن أيوب العابد : حدثنا شعيب بن حرب يوما بحديث عن زهير ، وشعبة ، فقيل له : تقدم زهيرا على شعبة ؟ قال : كان زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة . ثم قال : جاء زهير إلى شعبة ، فسأله عن حديث فيه طول أن يمله عليه ، فأبى شعبة وقال : أنا أردده عليك حتى تحفظه ، فقال زهير : أنا أرجو أن أحفظه ، ولكن إلى أن أبلغ البيت يعرض لي الشك . [ ص: 183 ] قال : فإن لم تكن كذا ، فأرحني ، واسترح مني . قال : يقول شعبة : لا والله لا تملني بلسان ألثغ . وحكاه شعيب بن حرب .

                                                                                      عباس الدوري : قلت ليحيى بن معين : زهير بن معاوية ، وأبو عوانة ، فكأنه ساوى بينهما . قلت : فزائدة بن قدامة ؟ قال : هو أثبت من زهير . قلت : يقولون : عرض زائدة كتبه على سفيان ، قال : ما بأس بذلك ، كان يلقي السقط ، ولا يزيد في كتبه ، فقيل ليحيى : أيهما أثبت ، زهير أو وهيب بن خالد ؟ فقال : ما فيهما إلا ثبت .

                                                                                      قلت : حدث عنه ابن جريج ، وابن إسحاق - وهما من شيوخه - وزائدة ، وابن المبارك ، وابن مهدي ، وأبو داود الطيالسي ، والحسن الأشيب ، ويحيى بن أبي بكير ، وأبو نعيم ، وأبو جعفر النفيلي ، وأحمد بن يونس ، ويحيى بن يحيى النيسابوري ، وأبو الوليد الطيالسي ، وعلي بن الجعد ، ويحيى بن آدم ، والهيثم بن جميل ، وسعيد بن منصور ، وأحمد بن عبد الملك بن واقد . وخلق من آخرهم عبد الرحمن بن عمرو البجلي شيخ أبي عروبة الحراني .

                                                                                      قال الخطيب في كتاب : " السابق واللاحق " : آخر من روى عن زهير : عبد السلام بن عبد الحميد الحراني ، شيخ ، بقي إلى سنة أربع وأربعين ومائتين .

                                                                                      قال أحمد بن حنبل : زهير بن معاوية من معادن العلم . وقال أبو حاتم الرازي : زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شيء إلا في حديث جده أبي إسحاق . قيل لأبي حاتم : فزائدة وزهير ؟ قال : زهير أتقن ، وهو صاحب [ ص: 184 ] سنة ، غير أنه تأخر سماعه من أبي إسحاق .

                                                                                      وقال أبو زرعة الرازي : سمع زهير من أبي إسحاق بعد الاختلاط ، وهو ثقة .

                                                                                      قيل : تحول زهير إلى الجزيرة في سنة أربع وستين ومائة ، وضربه الفالج قبل موته بسنة أو أزيد ، ولم يتغير ، ولله الحمد .

                                                                                      قال سفيان بن عيينة لبعض الطلبة : عليك بزهير بن معاوية ، فما بالكوفة مثله . قال أبو جعفر النفيلي ، وعمرو بن خالد الحراني : توفي زهير سنة ثلاث وسبعين ومائة .

                                                                                      قال النفيلي : في رجب . وبعضهم قال : توفي سنة أربع وسبعين . وهو وهم وكان من أبناء الثمانين .

                                                                                      وقع لي من عواليه : قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي ، أخبركم الفتح بن عبد السلام ببغداد ، أخبرنا هبة الله بن الحسين ، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز ، حدثنا عيسى بن علي الوزير إملاء سنة تسع وثمانين وثلاث مائة ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد إملاء ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا زهير ، عن سماك ، وزياد بن علاقة ، وحصين ، كلهم عن جابر بن سمرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يكون بعدي اثنا عشر أميرا ثم تكلم بشيء لم أفهمه . وقال بعضهم في حديثه : فسألت أبي ، وقال بعضهم : فسألت القوم ، فقالوا : " كلهم من قريش " . [ ص: 185 ]

                                                                                      أخبرنا محمد بن عبد السلام ، وزينب بنت كندي ، عن زينب الشعرية ، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا بشر بن أحمد الإسفراييني ، أخبرنا داود بن الحسين البيهقي ، حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير ، عن أبي جابر ، قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فمطرنا فقال : ليصل من شاء منكم في رحله أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى .

                                                                                      أخبرنا علي بن أحمد في كتابه ، أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا عبد الوهاب الأنماطي ، أخبرنا أبو محمد الصريفيني ، أخبرنا عبيد الله بن حبابة ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد من حفظه ، أخبرنا زهير ، عن أبي إسحاق قال : قال رجل للبراء : يا أبا عمارة ، أكنتم يوم حنين وليتم ؟ قال : لا والله ، ما ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكنا لقينا قوما رماة ، لا يكاد يسقط لهم سهم : جمع هوازن ، فرشقونا رشقا ، ما يكادون يخطئون ، فأقبلوا هناك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على بغلته البيضاء . [ ص: 186 ]

                                                                                      وبه إلى زهير : عن أبي إسحاق ، عن نوف ، قال : كان طول سرير عوج ثمان مائة ذراع في عرض نصف ذلك . وكان موسى - عليه السلام - طوله عشرة أذرع ، وعصاه عشرة ، ووثبته حين وثب ثمان أذرع ، فأصاب كعبه ، فخر على نيل مصر ، فجسره الناس عاما يمرون على صلبه وأضلاعه . وبه عن أبي الزبير ، عن ابن أبي مليكة ، أن عائشة كانت تصوم الدهر وأيام التشريق .

                                                                                      وبه : أخبرنا الزبير ، عن جابر قال : في جميع ظني ، ولست أشك أنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا ميز أهل الجنة فدخلوا الجنة ، ودخل أهل النار النار قامت الرسل فشفعوا ، فيقول عز وجل : انطلقوا فمن عرفتم فأخرجوه ، فيخرجونهم قد امتحشوا ، فيلقون على نهر أو في نهر ، يقال له : الحياة ، فتسقط محاشهم على حافتي النهر ، ويخرجون بيضا مثل الثعارير ، فيشفعون ، فيقول : اذهبوا أو انطلقوا ، فمن وجدتم في قلبه قيراطا من إيمان فأخرجوه . فيخرجون بشرا كثيرا ، ثم يشفعون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه حبة من خردل من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون بشرا كثيرا ، ثم يقول الله عز وجل : الآن أخرج بعلمي ورحمتي ، فيخرج أضعاف ما أخرجوا وأضعافه ، فيكتب في رقابهم : عتقاء الله ، ثم يدخلون [ ص: 187 ] الجنة فيسمون فيها : الجهنميين .

                                                                                      وبه إلى زهير عن زوجته - وزعم أنها صدوقة - أنها سمعت مليكة بنت عمرو - وذكر أنها ردت الغنم على أهلها في إمرة عمر بن الخطاب - أنها وصفت لها من وجع بها سمن بقر ، وقالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ألبانها شفاء ، وسمنها دواء ، ولحمها داء .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية