الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      حميد بن أبي حميد ( ع )

                                                                                      الطويل ، الإمام الحافظ أبو عبيدة البصري ، مولى طلحة الطلحات ، ويقال : مولى سلمى . وقيل غير ذلك . وفي اسم أبيه أقوال أشهرها تيرويه ، وقيل : تير . وقيل : زاذويه لا بل ابن زاذويه . شيخ مقل .

                                                                                      حدث عنه ابن عون ، هو يروي أيضا عن أنس وقيل : اسم والد حميد الطويل : داور أو مهران ، أو طرخان ، أو مخلد ، أو عبد الرحمن .

                                                                                      مولده في سنة ثمان وستين عام موت ابن عباس .

                                                                                      وسمع أنس بن مالك ، والحسن ، وأبا المتوكل ، وعكرمة وموسى بن أنس ، [ ص: 164 ] وبكر بن عبد الله ، وعبد الله بن شقيق العقيلي ، وثابت البناني ، وابن أبي مليكة ، ويوسف بن ماهك ، وطائفة ، وكان صاحب حديث ، ومعرفة وصدق .

                                                                                      روى عنه : عاصم بن بهدلة ، وشعبة ، وزياد بن سعد ، وابن جريج ، والسفيانان ، والحمادان ، وإسماعيل بن جعفر ، وأبو إسحاق الفزاري ، وخالد بن عبد الله ، وزائدة ، وزهير بن معاوية ، وبشر بن المفضل ، وخالد بن الحارث ، وأبو خالد الأحمر ، وعباد بن العوام ، وابن المبارك ، وعبد الأعلى السامي ، وعبد العزيز الدراوردي ، وعبد الوهاب الثقفي ، ومالك ، وهشيم ، ووهيب ، ويزيد بن زريع ، وعبيدة بن حميد ، ويحيى القطان ، وأبو بكر بن عياش ، ويزيد بن هارون ، ومحمد بن أبي عدي ، ومروان بن معاوية ، ومحمد بن عيسى بن سميع ، والنضر بن شميل ، وقريش بن أنس ، ومعاذ بن معاذ ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وخلق كثير ، وروى عنه من أقرانه يحيى بن سعيد الأنصاري .

                                                                                      ويقال : من سبي كابل في سنة أربع وأربعين ، والد حميد الطويل .

                                                                                      وروى الفسوي عن أبي موسى الزمن ، قال : حميد بن تيرويه وهم يغضبون منه .

                                                                                      قال حاشد بن إسماعيل البخاري : سألت إبراهيم بن حميد الطويل ، قلت : ما اسم جدك ؟ قال : لا أدري .

                                                                                      قال الأصمعي : رأيت حميدا ولم يكن بطويل ، ولكن كان طويل اليدين ، وكان قصيرا ، لم يكن بذاك الطويل ، ولكن كان له جار يقال له : حميد القصير فقيل : حميد الطويل ليعرف من الآخر .

                                                                                      وروى إسحاق الكوسج عن يحيى بن معين : ثقة . وقال أحمد العجلي : بصري تابعي ، ثقة ، وهو خال حماد بن سلمة . وقال أبو حاتم الرازي : ثقة ، لا [ ص: 165 ] بأس به . وقال : أكبر أصحاب الحسن قتادة ، وحميد . وقال ابن خراش : ثقة ، صدوق ، وعامة حديثه عن أنس إنما سمعه من ثابت . يريد أنه كان يدلسها وروى يحيى بن أبي بكير ، عن حماد بن سلمة قال : أخذ حميد كتب الحسن ، فنسخها ثم ردها عليه .

                                                                                      وروى الأصمعي عن حماد بن سلمة ، قال : لم يدع حميد لثابت البناني علما إلا وعاه ، وسمعه منه .

                                                                                      التبوذكي ، عن حماد ، قال : عامة ما يروي حميد عن أنس سمعه من ثابت . قال زهير بن معاوية : قدمت البصرة فأتيت حميدا الطويل ، وعنده أبو بكر بن عياش ، فقلت له : حدثني . فقال : سل . قلت : ما معي شيء أسأل عنه ، قال : فحدثني بثلاثين حديثا . قلت : حدثني . فحدثني بتسعة وأربعين حديثا . فقلت : ما أراك إلا قد قاربت فجعل يقول : سمعت أنسا والأحيان يقول : قال أنس . فلما فرغ ، قلت : أرأيت ما قد حدثتني به عن أنس بن مالك ، أنت سمعته منه ؟ فقال أبو بكر : هيهات ، فاتك ما فاتك! يقول : كان ينبغي لك أن تقفه عند كل حديث وتسأله . فكأن حميدا وجد في نفسه فقال : ما حدثتك بشيء عن أحد ، فعنه أحدثك . قال : فلم يشف قلبي .

                                                                                      قال ابن المديني ، عن يحيى بن سعيد ، قال : كان حميد الطويل إذا ذهبت تقفه على بعض حديث أنس يشك فيه .

                                                                                      وروى عفان ، عن يحيى بن سعيد قال : كنت أسأل حميدا عن الشيء من فتيا الحسن ، فيقول : نسيته .

                                                                                      وروى يوسف بن موسى ، عن يحيى بن يعلى المحاربي قال : طرح زائدة [ ص: 166 ] حديث حميد الطويل .

                                                                                      وروى عمر بن حفص الأشقر ، عن مكي بن إبراهيم ، قال : مررت بحميد الطويل ، وعليه ثياب سود ، فقال لي أخي : ألا تسمع من حميد ؟ فقلت : أسمع من الشرطي ؟! .

                                                                                      وقال ابن عيينة : يقال اختلط على حميد ما سمع من أنس ومن ثابت .

                                                                                      ويروى عن شعبة قال : كل شيء سمع حميد من أنس خمسة أحاديث .

                                                                                      وروى أبو عبيدة الحداد ، عن شعبة ، قال : لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا ، والباقي سمعها من ثابت ، أو ثبته فيها ثابت .

                                                                                      قلت : لحميد ، عن أنس ، في كتب الإسلام شيء كثير . وأظن له في الكتب الستة عنه مائة حديث .

                                                                                      علي ابن المديني ، عن أبي داود ، سمعت شعبة ، سمعت حبيب بن الشهيد يقول لحميد وهو يحدثني : انظر ما تحدث به شعبة ، فإنه يرويه عنك . ثم يقول لي : إن حميدا رجل نسي ، فانظر ما يحدثك به . وقال معاذ بن معاذ : كنا عند حميد ، فأتاه شعبة فقال : يا أبا عبيدة : حديث كذا وكذا شك فيه . قال : إنه ليعرض لي أحيانا . فانصرف شعبة . فقال حميد : ما أشك في شيء منها . ولكنه غلام صلف أحببت أن أفسدها عليه .

                                                                                      قال أبو أحمد بن عدي : له أحاديث كثيرة مستقيمة ، فأغنى لكثرة حديثه أن أذكر له شيئا من حديثه ، وقد حدث عنه الأئمة . وأما ما ذكر عنه أنه لم يسمع من أنس إلا مقدار ما ذكر ، وسمع الباقي من ثابت عنه ، فإن تلك الأحاديث [ ص: 167 ] يميزها من كان يتهمه أنها عن ثابت عنه ، لأنه قد روى عن أنس ، وقد روى عن ثابت عن أنس أحاديث ، فأكثر ما في بابه أن الذي رواه عن أنس البعض مما يدلسه عن أنس ، وقد سمعه من ثابت وقد دلس جماعة من الرواة عن مشايخ قد رأوهم .

                                                                                      ابن سعد : أنبأنا أبو عبد الله التميمي ، أخبرني أبو خالد الداري ، عن حماد بن سلمة ، قال : أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال : لا تموت أو تقص . أما إني قد قلت هذا لخالك -يعني حميدا - قال : فما مات حتى قص . قال أبو خالد : فقلت لحماد : فقصصت أنت ؟ قال : نعم .

                                                                                      قال معاذ بن معاذ ، قال حميد للبتي ، يعني عثمان : إذا أتاك الناس ، فاحملهم على أمر واحد ، لا ، ولكن خذ من هذا ومن هذا فأصلح بينهم . قال : فقال البتي : لا أطيق سحرك . قال : وكان حميد مصلح أهل البصرة .

                                                                                      وروى قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد ، قال : كنت جالسا على باب خالد بن برزين إذ أتاه رجل من أهل الشام ، فقال له إياس : إن أردت الصلح ، فعليك بحميد الطويل . تدري ما يقول لك ؟ يقول لك : اترك شيئا ، ولصاحبك مثل ذلك .

                                                                                      قال يحيى القطان : مات حميد وهو قائم يصلي ، ومات عباد بن منصور وهو على بطن امرأته .

                                                                                      [ ص: 168 ] وقال معاذ بن معاذ كان حميد الطويل قائما يصلي فمات . فذكروه لابن عون ، وجعلوا يذكرون من فضله . فقال ابن عون : احتاج إلى ما قدم .

                                                                                      قال سبط حميد وهو يعقوب بن إسحاق : مات جدي في جمادى الأولى سنة أربعين ومائة .

                                                                                      قلت : هذا وهم . وقال قريش بن أنس ، وابن سعد : مات في سنة اثنتين وأربعين ومائة وكذا قال الهيثم .

                                                                                      وروى أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد : مات حميد سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين في آخرها .

                                                                                      وروى محمد بن يوسف البيكندي ، عن إبراهيم بن حميد الطويل : مات أبي سنة ثلاث وأربعين ولم أسمع منه ، وأنا ابن عشر أو نحوها . وروى الزيادي ، عن إبراهيم ، مات أبي سنة ثلاث وقد أتت عليه خمس وسبعون سنة . وقال خليفة والفلاس : سنة ثلاث .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي : سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، أنبأنا محمد بن خلف الفقيه سنة ست عشرة وستمائة ، أنبأنا أحمد بن محمد الحافظ سنة ست وستين بالثغر ، أنبأنا أبو مسعود محمد ، وأبو الفتح أحمد أنبأنا عبد الله بن أحمد السوذرجاني ، أنبأنا علي بن محمد بن ميلة الفرضي ، حدثنا أبو عمرو بن حكيم ، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قاضي البصرة ، حدثني حميد الطويل ، عن أنس [ ص: 169 ] بن مالك قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا تقام الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية